لو كنا نعرف ماهية الحياة لعملنا مجتمعين على إحياء موسم الاصطياف، وحولنا نصف رءوس أموالنا التي تذهب وتسمن صناديق الأوروبيين إلى صناديق شركات وطنية تشتغل لتسمن جيوب الأمة.
يقولون: إن التجارة واقفة! نعم إنها واقفة؛ لأن المشتري هو الزارع والصانع، وهذان - إذا وجدا - لا يشتريان؛ لأنهما لم ينتجا شيئا، وإذا أنتجا فثمن ما ينتجانه زهيد أمام ثمن البضائع الأوروبية التي زادت أثمانها كثيرا بسبب نقص اليد العاملة. التجارة واقفة لأن الأهالي مفلسون، ولا يعود دولاب التجارة إلى حركة طبيعية إلا إذا تساوت في البلاد حركة الصادر والوارد. لتقف هذه التجارة! هذه التجارة التي تغطينا بمنسوجات الغربيين! لتقف هذه التجارة إلى أن يشعر الشعب أنه بحاجة إلى الإنتاج فيحول قواه إلى ما يدر عليه المال، ولا حياة ولا حرية ولا استقلال بغير المال.
3
لماذا نحن متأخرون؟
ولماذا تتحكم الأمم في رقابنا؟
ولماذا نحن عبيد للغرب، والنسبة بيننا وبينه لا تستلزم وجود مثل هذا الفرق؟
ولماذا ظلمنا فقدر علينا أن ندفع ثمن هفوات كل الأجيال التي تقدمتنا، وهذه ديون تركيا واحدة منها؟
كثيرون يتساءلون، وربما تمضي السنون فتطوينا الأرض، ويظل أحفادنا وأحفاد أحفادنا يرددون «لماذا»؟ •••
على أن الوقت حرج، حرج جدا لمن يفهم معنى القوة، الوقت حرج ولا يرفع الأحمال عن أكتافنا سوى تقدمنا الاقتصادي. البلاد غارقة بالدين، وهذا المد لا يزال يعلو رويدا رويدا وعما قليل يأخذ بخناقنا، ونحن لاهون بالكلام نقضي أوقاتنا بالانتقاد ضمن جدران بيوتنا، وبالاستبشار بتقلص ظل الحكم الفلاني لنستبدله بالحكم الفلاني، كأن في إمكان الغريب - ولو كان من سكان السماء - أن يعاملنا كما يعامل نفسه، أو أن يبدل بقوة سحرية هذه الحالة التي أوجدتنا فيها هفوات الذين تقدمونا.
قضى التاريخ بأن تنفصل بلادنا عن تركيا، وما حوادث التاريخ سوى أعمال حسابية ذات قواعد مقررة لا سبيل إلى الخطأ فيها.
ناپیژندل شوی مخ