عن تخطئته وعن اثبات لغيه وتحقيق ظلمه وجوره فانهم انفسهم لم يسكتوا عن شئ من ذلك وهم الذين اجمعوا على تخطئته وبغيه وبينوا فضائحه وقبائحه وملاؤا بذلك مسنداتهم وشحنوا بها تواريخهم فلم يبق الا ان يكون مرادهم السكوت عن لعنه أو سبه أو عنهما معا. اما لعنه فقد قدمنا في صدر الرسالة بيان مشروعية لعن من استحق اللعن باحد مسوغاته مما تلبس معاوية بالاكثر منها فيكون لعنه مطلوبا تأسيا برسول الله وبملائكته وعملا بما جاء في كتابه تعالى من ذلك كيف وقد قال جل شأنه اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاغنون اليس هذا في حقنا خبرا بمعنى الامر كما في قوله عزوجل والمطلقات يتربصن ونحوه على ان التأسي وحده كاف في طلبه وحاشا من ذكرتم من السابقين ان ينهى عن امر شرعه الله تعالى وكرره في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله ولو سلمنا ان احدا منهم نهى عنه فلا اعتبار لكلام احد في مقابلة كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام فنحمل حينئذ اجلالا لمقامهم نهيهم عن ذلك على النهي عنه عند خوف الفتنة كما هو الغالب في الازمان السابقة أو على النهي عن لعن من لم يستحق اللعن اجمالا وهذا حق وصحيح فتعين كون مرادهم السكوت عن سبه لا تقرير قبائحه والرضا بها ونحن تنابعهم على ذلك ونعلم ان لا اثم فيه ولا فائدة إذا لم تدع إليه مصلحة وهي هنا موجودة (1) ولكنا لا نوافق من تجاوز ذلك من المتأخرين إلى ما لم يأمر به السلف من مدحه واطرائه بما ليس فيه والترضي عنه واعلان حبه والانكار على من اورد شيئا من مثالبه لاقامة حجة أو بيان محظور فمن مدحه أو ترضى عنه أو احبه وادعى انه متأس في ذلك بالسلف الاول فقد افترى عليهم (فقد) اورد ابن عبدالبرفي
---
(1) هي اولا امتثال قول الله تعالى ليبيننه للناس ولا يكتمونه ثانيا ارشاد جهلة المقلدين إلى الحق رجاء رجوعهم إليه ثالثا رفع التهمة التي يلصقها الخصم بنا من تقدبمنا اقوال علمائنا على النصوص الصريحة. (*)
--- [ 218 ]
مخ ۲۱۷