اخرى اعظم من هذه فرتب الملك امور هذه المملكة وجعل فيها نوابا من خاصته واهل بيته وسن لهم قوانين وحد لهم حدودا في جميع امورهم ووعدهم إذا قدموا عليه بالمكافاة الحسنة والمواهب الجسيمة لمن اتبع ما سنه لهم وبالعقاب الشديد والعذاب الاليم لمن خالفه ثم بعد غيبوبة الملك وذهاب بعض نوابه إليه انتهز ذلك العدو الفرصة وجمع رعاعا واوباشا وغرهم بالاكاذيب وخدعهم بالاماني ثم ثار بهم في وجه اخي الملك وهو إذ ذاك نائبه واظهر زورا ان أخا الملك قد اخطأ في أمر ما ليغر اتباعه بذلك ثم لم يزل يراوغ مرة ويحارب اخرى حتى ذهب اخو الملك إليه بداع دعاه فأستحفل ؟ ذلك العدو الباغي ووثب على المملكة ونحى عنها ولد الملك ثم قتله وابطل اكثر قوانين الملك وطرد خواصه والحق الذل بعشيرته ورهطه واهل مودته وسلط عليهم وعلى جميع الرعية رعاعه وسلفته واستصفى اموالهم ولم يأل جهدا في القتل والفساد والجور ثم تألفت بعد عصابة يتسابقون إلى المدح والثناء على ذلك الرجل الباغي جهارا ويتهافتون على تعظيمه وستر عيوبه وفواقره ونهى الناس عن ذكرها ويحثونهم على التكذيب بوقوعها مهما لكنهم ذلك ويختلفون له المعاذير الواهية. ويرغبون إلى الملك ان يسبغ عليه افضاله ويجازيه بأحسن الجزاء على ما ارتكب من الفظائع في بيت الملك وخاصته ورعيته لانه واحد من جنده واغتفروا له كل عظيمة في جنب هذه المقدمة العقيمة وتصامموا وتعاموا عن ما اصاب الملك من هتك في اولاده وذل في خاصته وافساد في رعيته ومجاهرة بعصيانه واهدار لاحكامه واهانة لشرفه ثم مع هذا يزعمون انهم صاروا بعملهم هذا اخص الناس بالملك واطوعهم له واقربهم منه والاحق بعنايته وحلول نظره عليهم لانهم التزموا الادب مع الملك في زعمهم بحفظهم حرمة جنده الذي ربما مشى في ركاب الملك أو قضى حاجة من طفيف حاجاته فهم
--- [ 160 ]
مخ ۱۵۹