124

نقل ته ابداع ته

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)

ژانرونه

ويتم الاستشهاد بآيات الكون والفلك والطبيعة تدعيما للطبيعيات. كل فلك يسبح، والقمر له منازل. وفي القرآن دعوة للتأمل في الكون؛ إذ لا يستوي العلم والجهل. وتذكر آيات الأفلاك في فصل تركيب الأفلاك وأطباق السموات في الرسالة الأولى عن الصورة والهيولي (السماع الطبيعي) ولتأييد «الآثار العلوية»، وتبين الخطأ الشائع أن المطر نزل من بحر من السماء وأن البرد يقع من الجبال. ويتم تصحيح سوء تأويل القرآن ووضع التأويل الصحيح. فالغرض ليس وافدا من أرسطو في «الآثار العلوية» بل قصد محلي صرف، هو تصحيح الأخطاء الشائعة والتأويلات الخاطئة اعتمادا على اللغة العربية والمعاني الاشتقاقية. فالسماء في لغة العرب ما يعلو الرأس، والمطر ما نزل من السحاب، ويعني أيضا السماء لارتفاعها. كما يظن الناس خطأ أن الشهب كواكب تسقط من السماء على الأرض، ويسيئون تأويل القرآن. ويستعمل الإخوان اللغة الشائعة للبرهنة على سوء التأويل؛ فالشهب تحدث في السماء بإشراق الكواكب. فالإشراق ليس فقط نفسيا بل طبيعيا.

116

والطبيعة موضوع للتفكير، والطير له لغته التي فهمها سليمان، عرف منه ما يريد عن سبأ وملكها وسجود قومها لغير الله. وكل الحيوان والطير أمم مثل البشر. ومنها يتعلم الإنسان التحصين والدفاع عن النفس، واللغة قد تكون منطق الطير ومنطق التدوين ومنطق الكشف كما هو الحال في الإسراء والمعراج وكلام موسى مع الله، ولغة الطبيعة في الخلق والبعث، ولغة الإقناع في النشأة والعودة، ولغة التجربة والمشاهدة كما فعل إبراهيم مع قومه وتحطيمه الأصنام، ولغة الطبيعة في المعجزات، ولغة الحروف في أوائل السور، ولغة تسبيح الموجودات من الحكماء والراسخين في العلم.

117

وللطبيعة نظام بديع وثابت، تكوير الشمس واندثار النجوم، خلقها الله بفعل كن فيكون. وقد تم خلق السموات والأرض تدريجيا في ستة أيام؛ فالخلق في الزمان ولكن يوم الله بألف سنة من أيام البشر، والله مسير لقوانين الطبيعة. ينزل من السماء الماء فتسيل الأودية بقدر. ويحول الإخوان أفعال الطبيعة إلى أفعال القلوب، والعالم الأكبر إلى العالم الأصغر. والطبيعة في علاقة مع الله. فقد أمر الله أن يتخذ من الجبال بيوتا ومن الشجر، وخرج شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، والطبيعة مسخرة للإنسان بأمر الله، الأنعام فيها دفء ومنافع، طعام وجمال، حمل وانتقال. وأحيانا تدخل الخرافة من السماء في وصف الأرض نظرا لضياع الأرض واستجداء السماء.

118

ويتم تخصيص خلق الإنسان. فقد خلق من تراب ومن طين ومن ماء وافق. ثم تطور الخلق من نطفة في قرار مكين إلى علقة فمضغة فعظام فلحم حتى أصبح خلقا آخر مثل التدرج في الحياة من الطفولة إلى الكهولة إلى الموت، ثم إلى الحياة من جديد. ولقد خلق الإنسان من ضعف وشيب. والنشأة والعودة الجسمية مثل النشأة والعودة الروحانية، الاستتار والخروج، دورة المياه في الكون مثل دوران الحكم في التاريخ مثل دورة أحوال البشر. ثم أنشأ خلقا آخر لإفادة الانقطاع؛ أي قدم نظام عدل مختلف نوعيا عن نظم الحكم السابقة. وتستعمل الآيات لتصوير الخلق، من كل زوجين اثنين مما تنبت الأرض ومن النفس وكأنها العناصر الأربعة في الطبيعة. وهذا من فضل الله نظرا للعشق وشوق كل منهما إلى الآخر.

119

وقد خلق الإنسان في أحسن تقويم، مرتبة الإنسانية. ثم يرتقي ويبلغ أشده ويستوي ويؤتي الحكم والعلم، ويحيا بعد موت بالعلم وهو النور الذي يهدي في الظلمات، وبالإيمان الذي يرفع الدرجات. فالإنسان خلق أقدارا في قمتها الدعوة إلى الله والسلوك في سبيله دون أن يشاقق الرسول. خلق الإنسان في أحسن صورة، وهي ليست صورة جسمية بل صورة روحية. فإذا حسن الجسد وفسدت الروح قبحت الصورة وتحول الإنسان من أعلى عليين إلى أسفل سافلين. والإنسان خليفة الله في الأرض، يحقق كلمته ثم يعود إليه. وأول خليفة هو آدم.

120

ناپیژندل شوی مخ