نقد کتاب اسلام او اصول حکومت

محمد خضر حسين d. 1377 AH
70

نقد کتاب اسلام او اصول حکومت

نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم

ژانرونه

من ذهب في التاريخ إلى الوقوف على حالة العرب النفسية قبل أن تطلع عليهم شمس الإسلام، أو حين ابتدأت ترمي بأشعتها في قلوبهم، وجد طباعهم كانت تأبى لهم أن يخضعوا لسلطان، أو يدخلوا تحت نظام، كما قال النعمان يصفهم لكسرى: «وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم، فيلقون إليهم أمورهم، وينقادون إليهم بأزمتهم. وأما العرب فإن ذلك كثير فيهم حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكا أجمعين.»

ومما ينبهك على ما ملأ نفوسهم من الغلو في العظمة والتنافس في السيادة كثرة ما كان ينعقد بينهم من المفاخرات والمنافرات، ثم ما تراه في أشعارهم من الفخر والحماسة، ولشدة ما يصف به الرجل نفسه من الحول والقوة وعزة القبيلة يخيل إليك أنه ملك يجر وراءه جيشا عرمرما.

تجد هذه الروح سارية في نفس كل من له مكانة في قومه، حتى إن الرجل لا ينال شيئا من الرياسة في قومه إلا بالإحسان والكرم ولين الجانب ومناصرتهم ولو في الباطل، ولا يكاد يبسط يده لكفهم عن الظلم وعقابهم على عمل منكر مخافة أن ينفضوا من حوله، ويضربوا برياسته في وجهه.

قضت حكمة مبدع الكون أن يطلع هلال الإسلام بين هؤلاء الأقوام الذين حاولوا أن يكونوا ملوكا أجمعين، وقضت سنته أن لا تنسلخ الأمم من طبائعها دفعة، فكان من مقتضى حكمته أن يأخذهم الدين الحق إلى هدايته، ويبين لهم قوانينه على طريق المطاولة والتدريج: فاتحهم بالدعوة إلى التوحيد ومكارم الأخلاق وبعض العبادات، ولما أنسوا بشيء من الأوامر والنظم الدينية طفق ينتقل بهم في أحكام المعاملات والجنايات والسياسات، ويشرع لهم في خلال ذلك أصولا تضم بين جوانحها أحكام جزئيات لا يحيط بها حساب، حتى نزل قوله تعالى:

اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ، ومن الحقائق التي كمل بها الدين وتمت بها النعمة رسم خطة القضاء والإرشاد إلى مبادئه السامية.

القضاء تطبيق الأحكام على الوقائع الجزئية، وأحكام الوقائع قد قررتها الشريعة؛ إما بتفصيل كحدي السرقة والزنا ، وإما بعرضها في ضمن أصول كلية ككثير من الأحكام القائمة على رعاية العرف أو المصالح المرسلة، على ما سنلقي عليكم بيانه في أمد قريب.

وأما تطبيق الأحكام فيرجع النظر فيه إلى مبادئ يتوقف عليها حفظ الحقوق، ولا يخرج الحكم في قالب العدل إلا برعايتها؛ كالاستناد إلى البينات، وضرب الآجال لإقامتها. ووراء هذه المبادئ نظم ترجع إلى تسهيل وسائل النظر، والاحتياط في ضبطها، أو إصدار الحكم على وجه أدل على إنصاف القاضي، وأدعى لرضا المحكوم عليه، كتسجيل أقوال المتداعيين أو الشهود في محاضر، وتقرير الحكم ببيان مستنداته الشرعية، وإخراج نسخة منه لمن يستحقها.

أما المبادئ التي هي كالأركان للعدل في القضية، فلتجدنها قائمة في دلائل الشريعة دون أن تشذ منها كبيرة أو صغيرة، فتفقهوا فيها لعلكم تعقلون، أو اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

وأما النظم الزائدة على ما يعد ركنا للعدالة، فذلك يجيء على حسب ما يقتضيه حال الزمان والمكان، ولهذا وكله الشارع الحكيم إلى اجتهاد القائم على منصب القضاء، فيتصرف فيه على ما يوافق المصلحة. وعلى هذا المنهج سار العلماء الذين أسلموا قلوبهم للحق فاستنبطوا للقضاء بعض نظم اقتضاها حال عصرهم؛ كضم بعض أهل العلم إلى مجلس القضاء بحيث لا ينفرد القاضي بحكم دونهم، كما فعل أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، فإنه «كان إذا ولى أحد قضاته كان فيما يعهد إليه ألا يقطع أمرا ولا يبت حكومة في صغير من الأمور ولا كبير إلا بمحضر أربعة من الفقهاء.»

1 •••

ناپیژندل شوی مخ