ناپلیان بوناپارت په مصر کې
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرونه
ولقد جئنا على نص هذا المنشور لأسباب كثيرة، منها أنه غير موجود باللغة العربية، بخلاف منشوراته الأخرى، التي عربت تعريبا قبيحا، ونشرها الجبرتي وغيره، ومنها أنه يعبر عن عواطف نابوليون وميوله الأولى قبل أن يحطم نلسون أسطوله في أبي قير، ويقطع عليه آمالا كبيرة، ومنها أنه لم يقصد بهذا المنشور الذي وزع على الجنود دون سواهم، مراءات المصريين، ومن هذه الأسباب أيضا، رغبتنا في تطبيق هذه النصائح والإرشادات، التي وجهها لجنوده، على ما وقع منهم من الأمور المغايرة لروح هذه القواعد، أثناء وجود نابوليون بمصر، وبعد سفره منها.
هوامش
الفصل الثالث
الحملة الفرنسية في الإسكندرية
كان ظهور السفن الفرنسية، بمن نقل من جنود وضباط وقواد علماء وذخائر وبنادق ومدافع، فاتحة عصر جديد لمصر، بدأ بالاحتلال الفرنسي، تحت قيادة أعظم القواد الحربيين الذين أظهرهم هذا الوجود، ثم عقب بالنزاع بين أوروبا، حول هذه البقعة المسماة وادي النيل ... ذلك النزاع الذي ما برح يظهر على جميع الأشكال، وغريب الأحوال، من مطاردة الفرنسيين وإخراجهم، إلى معاضدة المماليك بإنزال قوة إنكليزية على الشواطئ المصرية، ثم بمقاومة محمد علي، وإيقافه عند حد لا يتعداه في مشروعاته ومطامعه، ثم بالمعارضة في فتح قنال السويس، إلى التداخل في أمور مصر المالية، حتى كانت الثورة العرابية، والاحتلال الإنكليزي، والحماية الظاهرة والمقنعة ... كل هذه الحوادث والمشاكل خلفها وضع فرنسا قدمها في مصر، فإنه من ذلك الحين، أوجست إنكلترا خيفة من تعاظم نفوذ أية دولة أوروبية في وادي النيل، أو تقوية أي سلطة محلية، مما قد يكون عائقا في تنفيذ سياستها القاضية بأن يكون طريقها إلى الهند في يدها، فكان لها القدح المعلى في كل هاتيك الحوادث والمشاكل، إلى أن استقر قدمها في مصر، عقب الثورة العرابية ... ومع ذلك فستبقى مصر سببا لمشاكل أوروبا ومنازعاتها وحروبها، حتى تنال استقلالها التام بطريقة تجعل الباب مفتوحا، والثقة في التساوي كاملة، أو يحكم الله بأمر من عنده وهو خير الحاكمين.
والآن وجب علينا أن ندخل في تاريخ الحملة الفرنسية وحروبها وأعمالها في مصر مدة الثلاث سنوات التي حكم فيها الفرنسيون هذه الديار، وعاملوا أهلها بما عاملوهم به من عدل وظلم، وإكبار واحتقار، وتعمير وتدمير؛ إذ قد جمع في تلك المدة من المتناقضات ما سيظهر للقارئ على صفحات هذا الجزء الخاص بهذه الفترة.
دمغ الشيخ عبد الرحمن الجبرتي هذه الفترة بقوله، في فاتحة الجزء الثالث من كتابه، «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، ذلك الكتاب الذي سنذكره، ونأخذ عنه ونجادله كثيرا فيما سنكتبه بالعبارة الآتية فقال:
وهلت سنة 1213 هجرية وهي أول سني الملاحم العظيمة، والحوادث الجسيمة، والوقائع النازلة، والنوازل الهائلة، وتضاعف الشرور، وترادف الأمور، وتوالي المحن، واختلال الأحوال، وفساد التدبير وحصول التدمير، وعموم الخراب وتواتر الأسباب، وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون.
ولو وضعت حوادث الحملة الفرنسية في مصر، ونتائجها ومعاركها، في هيكل أو تابوت، وأريد أن ننقش لها كلمة تذكار، لما وجد الباحثون أفضل من عبارة هذا الشيخ الأزهري، عبد الرحمن بن حسن الجبرتي!!
كان الثغر الإسكندري في ذلك الوقت بلدة حقيرة لا يزيد عدد سكانه عن عشرة آلاف نسمة تقريبا، وكانت تجارته قد اضمحلت وثروته قد نزفت وقلت، وكان الرئيس إذ ذاك فيها «والمشار إليه بالإبرام والنقض» هو السيد محمد كريم السكندري، وهو رجل لم أقف على حقيقة جنسيته، والغالب على الظن أنه مغربي الأصل استوطنت أسرته الإسكندرية، وكان كما رواه الجبرتي في ترجمته حياته، في أول أمره قبانيا يزن البضائع في حانوت الثغر، وعنده خفة في الحركة وتودد في المعاشرة، فلم يزل يتقرب إلى الناس، بحسن التودد، ويستجلب خواطر حواشي الدولة، وغيرهم من تجار المسلمين والنصارى، ومن له وجاهة وشهرة في أبناء جنسه، حتى أحبه الناس، واشتهر ذكره في الإسكندرية ورشيد ومصر، واتصل بصالح بك حين كان وكيلا لدار السعادة، وله الكلمة النافذة في ثغر رشيد، ثم اتصل بواسطته إلى مراد بك فتقرب إليه، ووافق الغرض منه، وقلده أمر الديوان والجمارك بالثغر فعلت كلمته، ونفذت أحكامه، وكان قبودان الميناء التركي إدريس بك.
ناپیژندل شوی مخ