ناپلیان بوناپارت په مصر کې
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرونه
ولا نزاع في أن هذه أول بعثة علمية رافقت، مرافقة رسمية، حملة من الحملات العسكرية في تاريخ العالم، والفضل في ذلك بلا نزاع راجع لنابوليون دون سواه، ولنا كلام على الأعمال التي قامت بها هذه البعثة العلمية من حيث فائدتها لمصر وأهلها، ومن حيث فائدتها للعلم عامة في أوروبا، ربما أتينا عليه في مكان آخر.
وفي اليوم التاسع عشر من شهر مايو نشرت سفن أسطول هذه الحملة أعلامها وسارت تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط، قاصدة جزيرة مالطة، وكان نابوليون وياروانه في السفينة أوريان
Orient «المشرق» التي يسميها الجبرتي «نصف الدنيا» ومعه قائد الأسطول برويس، ومعه أيضا بها من رجال البعثة العلمية مونج وبرتللو، ومن القواد كفاريللي المهندس وغيرهم، وهنا نذكر أن الحكومة الإنكليزية عملت بأمر هذه الحملة، ولكنها لم تكن على بينة من معرفة الجهة التي تقصدها لما اتخذته الحكومة الفرنسية من وسائل التكتم الزائد، وكان الفكر الراجح لدى حكومة إنكلترا، أن هذه العمارة الفرنسية تنوي السفر من مياه البحر الأبيض المتوسط إلى جبل طارق قاصدة احتلال ايرلنده، ومع ذلك فقد أصدرت الحكومة الإنكليزية للأمير ال نسلون أمرا بمراقبة هذه الحملة، وأصدرت إليه الأوامر الصريحة بأن يفعل كل ما في إمكانه لأسر، أو إغراق، أو حرق، هذه العمارة الفرنسية مهما كلفه ذلك، ما دام قادرا على تسيير سفنه ولديه من الزاد والمئونة والذخيرة ما يكفيه، وكان نلسون يخالف حكومته في ظنها من حيث وجهة العمارة الفرنسية، وبعد أن أجبرته زوبعة كبيرة على الالتجاء بسفنه إلى جزيرة سردينيا، حيث رمم بعضها، التي أضرت بها هذه الزوبعة، تمكنت العمارة الفرنسية من السفر دون أن يقف لها الأسطول الإنجليزي على أثر، ثم قصد نلسون شواطئ إيطاليا وكتب في 15 يونيو على مقربة من نابولي قائلا: إذا كانت السفن قد مرت من سيسيليا «جزيرة صقلية» فإنها لا بد وأن تقصد تنفيذ مشروع الاستيلاء على الإسكندرية، لكي ترسل من مصر حملة إلى الهند بناء على اتفاق مع «تيبو صاحب» وليس تنفيذ هذه الخطة بالأمر العسير.
أما العمارة الفرنسية فوصلت مالطة في 9 يونيو «1798» وأنزلت قوة في اليوم الثاني لاحتلال الجزيرة، وليس من موضوع عملنا أن نشرح حال مالطة وما جرى في استيلاء نابوليون عليها، إنما يكفينا من قبيل الفائدة التاريخية، ولما له من علاقة بهذا الكتاب، أن نذكر أن استيلاء نابوليون على مالطة كان ضروريا لحفظ مواصلاته مع فرنسا، وكانت هذه الجزيرة مستقلة تحت إدارة حكومة تدعى «فرسان مالطة» وهم جماعة من المسيحيين من جميع ممالك أوروبا، أشبه بفرسان الحروب الصليبية، وقفوا أنفسهم للدفاع عن صوالح النصرانية، لما شبت الحروب بين الدول الإسلامية وممالك أوروبا المسيحية، وكان لقبهم في الأول فرسان «رودس» فلما فتح السلطان سليمان جزيرة رودس، منحهم الإمبراطور شارلكان جزيرة مالطة وكانا يتقربون إلى ممالك أوروبا، ويستدرون خيرات أبنائها، بدعوى أنهم يحاربون حالهم حتى فاجأهم نابوليون بخيله ورجله، وبعد مقاومة ضعيفة استولى على الجزيرة وترك فيها أحد قواده الجنرال فوبوا
Vaubois
ومعه ثلاثة آلاف جندي كحامية في الجزيرة، وقبل أن يبرح الجزيرة، فكر في أن يوطد العلاقات الودية في المياه اليونانية في ألبانيا وأبيروس، وكان في حروبه مع البندقية قد استولى على جميع الجزر والسواحل والثغور التي كانت ملكا لتلك الجمهورية في بحر الأدرياتيك سنة 1797، وحينذاك راسله علي باشا والي «بنينا» المشهورة، ولم يكن إذ ذاك قد خرج عن طاعة الدولة، مؤكدا له حسن ولائه، فكان أول خاطر لنابوليون قبل مبارحته مالطة، لتوطيد علاقاته الحسنة في ألبانيا، وأبيروس، هو أن بعث بخطاب إلى علي باشا والي ينينا وأوفد به أحد ضباطه.
واستعاض نابوليون، عن القوة الفرنسية التي تركها في الجزيرة «3000 جندي» بقوة تعادلها من المالطيين والفرنسيين، الذين كانوا مع فرسان الجزيرة، وغنم من الجزيرة نحو 1200 مدفع وكميات كبيرة من الذخائر، أخذت منها الطوبجية الفرنسية ما رأته لازما في حملتها على مصر، وكان في الجزيرة نحو ثمانمائة من الأتراك الأسرى فأطلق نابوليون سراحهم، وأحضرهم لمصر في السفن لإرسالهم إلى بلادهم، وقد عمل هذا، كما يظهر من منشوراته في مصر، بقصد التودد للمسلمين ولحكومة الباب العالي، ثم ضم إلى الحملة عددا وافرا من المالطيين والأسرى المغاربة الذين يعرفون اللغة العربية والفرنسية بصفة تراجمة، وكان لهم شأن في حوادث مصر كما سيأتي ذكره في مكانه، وأرسل من مالطة في سفينة عدة آثار غالية وغنائم بقصد إيصالها إلى فرنسا، فغنمها الإنجليز قبل أن تصل إلى فرنسا.
وفي 19 يونيو أقلعت العمارة الفرنسية من مالطة قاصدة جزيرة كريد، أما نلسون فإنه تتبع العمارة الفرنسية بأسطوله، وقد روى كتاب الإنجليز أن نلسون كان في 20 يونيه ماخرا بأسطوله جنوب جزيرة صقلية، وكانت العمارةالفرنسية قد خرجت في اليوم السابق من مالطة، بحيث كان الأسطولان على مقربة من بعضهما، ولكن لم ير أحدهما الآخر، وكانت وجهة الأسطول الإنجليزي ثغر الإسكندرية ليدرك العمارة الفرنسية، كما قرر نلسون ذلك في ذهنه، وقال كتاب الإنجليز: إن نلسون كان في صباح يوم 24 يونيو على مسافة بضع فراسخ من العمارة الفرنسية، جنوبي جزيرة كريد، ولكن لم يرها أيضا واستمر قاصدا الإسكندرية فوصلها، كما سيأتي بيانه، بثلاثة أيام قبل العمارة التي يتعقبها ... فما أعجب حوادث التاريخ!! فلو أن نلسون أبصر العمارة الفرنسية في مكان من المكانين المشار إليهما، لعقبهما وربما مزقها إربا، قياسا على ما فعل معها في أبي قير بعد، وقياسا على انتصاراته على أساطيل فرنسا وحلفائها في حروب تلك السنين، ولو تم له ذلك لتغيرت صفحة كبيرة من صفحات التاريخ، ولما ظهر لنابوليون من الشهرة والمجد ما ظهر، ولما حاق بمصر ما حاق بها من المحن والمنافسات والمنازعات، التي لم تكسب من ورائها فائدة مباشرة.
في يوم 26 يونيو وصلت العمارة الفرنسية إلى جزرية كريد، وهناك في صبيحة اليوم التالي اجتمعت بها الفرقاطة التي كان قد بعث بها للاستعلام في جهات نابولي، وأخبر نابوليون بأن نلسون على رأس أسطول ضخم، كان قريبا من مياه نابولي في يوم 20، وأنه سار قاصدا مالطة، فلما وصل هذا النبأ إلى مسامع نابوليون أصدر أوامره في الحال بالسفر إلى جهة إفريقية، وعند ذلك كشف الغطاء للجنود والضباط عن الجهة التي تقصدها الحملة، بعد أن بقي سرها مكتوما عن الجميع؛ إذ أصدر الجنرال بونابرت أمرا وزعه على جميع السفن لتتلوه الجنود، ولما كان هذا المنشور من الأهمية بمكان من وجهة تاريخ مصر، وبيان الخطة التي وضعها نابوليون لنفسه ولجيشه في مبدأ الأمر نأتي على تعريبه.
منشور إلى الجيش البري
ناپیژندل شوی مخ