ناپلیان بوناپارت په مصر کې
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرونه
كنت سودت أوراقا في حوادث آخر القرن الثاني عشر، وما يليه وأوائل القرن الثالث عشر الذي نحن فيه، جمعت فيها بعض المواقع إجمالية، وأخرى محققة تفصيلية، وغالبها محن أدركناها، وأمور شاهدتها، واستطردت في ضمن ذلك سوابق سمعتها، ومن أفواه الشيخة تلقيتها، فأحببت جمع شملها وتقييد شواردها في أوراق منسقة النظام، مرتبة على السنين والأعوام ... وما بعدها إلى التسعين أمور شاهدناها ثم نسيناها وتذكرناها، ومنها إلى وقتنا أمور تعقلناها وقيدناها وسطرناها، وسنورد أن شاء الله تعالى ما ندركه من الوقائع، بحسب الإمكان والخلو من الموانع، إلى أن يأتي أمر الله، وأن مردنا إلى الله، ولم أقصد بجمعه خدمة ذي جاه كبير أو طاعة وزير أو أمير، ولم أداهن فيه دولة بنفاق، أو مدح أو ذم مباين للأخلاق، لميل نفساني، أو غرض جسماني.
والشيخ الجبرتي نفسه يعترف في كتابه أنه ابتدأ في جمع أوراق كتابه وتنسيقه في السنة السادسة والعشرين، بعد المائتين والألف؛ أي: بعد ثلاثة عشر عاما من خروج الفرنسيين من مصر، فتأمل مقدار الأغلاط التي يقع فيها رجل أزهري يجمع أوراقه المتناثرة بعد مرور ثلاثة عشر عاما على الحوادث التي يكتب عنها! وليكن ذلك منك على بال، لتقدير روايات الجبرتي حين تنقل عنه، أو تعتمد عليه.
ومما تجب ملاحظته أن كتاب الشيخ عبد الرحمن، عن الفترة التي شهدها بنفسه، إنما هو تاريخ للقاهرة، أكثر مما هو تاريخ لمصر؛ لأنه لم يقف إلا على النادر جدا من الحوادث التي وقعت خارج القاهرة في الوجهين القبلي والبحري، فهو لم يذكر ثورة «المهدي» في البحيرة إلا بكلام لا قيمة له، كما أوضحنا ذلك عند الكلام عليها، ولم يعرف أكان المهدي هو «مولاي محمد» من أمراء الغرب، الذي سبق له ذكره في الجزء الثاني من كتابه، أم كان شخصا آخر؟ مع أن «مولاي محمد» دخل القاهرة مع الإنجليز والأتراك عند جلاء الفرنسيين، ولا يعقل أن الشيخ عبد الرحمن الجبرتي لم يقابله ولم يتعرف به.
ومما يثبت أن معلومات الجبرتي لم تتعد القاهرة أنه لم يشر إلى محاربات الصعيد ولا غيرها إلا بعبارات قصيرة متقطعة، ليس فيها شيء من المعلومات الصحيحة.
ومع أنه من كبار العلماء في القاهرة، فإنه لم يذكر اسم الشيخ المسيري كبير علماء الإسكندرية، الذي كان موضع ثقة نابوليون، وكانت كلمته النافذة في ذلك الثغر، ولم يشر إليه إلا حين جاء ذكره في أيام حكم محمد علي،
4
والشيخ عبد الرحمن معذور في قصر أخباره على ما يصل إلى علمه، وهذا هو شأن المذكرات أو اليوميات التاريخية، ولكن ليس للمؤرخ في هذا الزمن أدنى عذر في قصر اعتماده على ما كتبه الجبرتي، وهذا شأنه. •••
بقي علينا أن نشير إشارة موجزة إلى خاتمة صاحبنا الجبرتي وموته مقتولا في طريق شبرا، فقد ذكروا أنه وظف إماما في سراي محمد علي باشا بشبرا، وأن محمد بك الدفتردار حقد عليه فسلط عليه من أودى بحياته وهو عائد من شبرا إلى القاهرة على حماره، وليس بصحيح ما ادعاه «كاردين» من أن الذي قتل بطريق شبرا هو ابن الشيخ عبد الرحمن وليس هو، وهذا غريب من «كاردين» مع أنه كان موظفا بقنصلية فرنسا في القاهرة حوالي سنة 1830؛ أي: بعد وفاة المؤرخ بنحو سبع سنين
ولا صحة لما يذاع أيضا من أن هناك جزءا خامسا من كتاب «عجائب الآثار» لم يصرح بطبعه لما فيه من الطعن على محمد علي باشا؛ لأنه توجد نسخة خطية من تاريخ الجبرتي في مكتبة وزارة الحربية الفرنسية في باريس، ولو كان فيها شيء لم ينشر في الطبعة المصرية، لما خفي أمره على المستشرقين.
وفضلا عن ترجمة الجزء الخاص بالحملة الفرنسية في مصر إلى اللغة الفرنسية بواسطة مسيو «كاردين» فقد ترجم كتاب الجبرتي إلى اللغة الفرنسية بأكمله في ثمان مجلدات جماعة من فضلاء المصريين، وعلى رأسهم المرحوم شقيق بك منصور يكن.
ناپیژندل شوی مخ