ناپلیان بوناپارت په مصر کې
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرونه
وكان المشايخ الأجلاء يسمعون هذه الأقوال وعلى وجوههم علامات الفرح وأيديهم مشتبكة على صدورهم وهم يتمتمون «طيب! طيب!».
ولما فر مراد بك من أمام نابوليون إلى الصعيد قال لهم نابوليون: «إنني أريد أن أعيد مملكة العرب، ومن يمنعني من ذلك؟ لقد أهلكت المماليك وجيشهم أقوى جيش في الشرق بأسره، ومتى تفاهمنا وعرف المصريون ما أريده من الخير لهم، فإنهم سيظهرون إلى الود والإخلاص، وحينئذ أعيد إلى مصر مجد الفاطميين.» وكان هذا الحديث الذي فاه به نابوليون موضوع سمر كبار المصريين في القاهرة، وكان الذين شاهدوا منهم موقعة الأهرام يعززون ذلك القول، ويقولون للناس: إنه سهل هين على الفرنسيين.
وكان الشيخ المهدي أفصح المشايخ لسانا، وأوسعهم معرفة، وأصغر علماء الأزهر سنا، وأكبرهم ثقة بنابوليون، فعرب أقواله هذه ونظمها شعرا حفظه الناس وتغنوا به في صحاري إفريقيا وبلاد العرب!!!
وكان يرد على العلماء الذين كانوا يؤلفون الديوان الكبير، تقارير من الأقاليم تنبئ بانتشار الفوضى التي كان سببها سوء التفاهم، ولأن الناس كانوا يسمون الفرنسيين بالكافرين، وبدأ «السلطان الكبير» يشكو مر الشكوى في حديثه مع العلماء مما كان ينشره أئمة المساجد، ويذيعونه بين الناس وتحريضهم إياهم على الفتنة.
وفي ذات يوم وجد نابوليون الفرصة سانحة فقال لعشرة من كبار المشايخ الذين كان يثق بهم: «يجب وضع حد لهذه الحال، ولا بد إذن من فتوى تصدر من الجامع الأزهر تأمر الناس أن يقسموا لي يمين الطاعة.»
فاصفرت وجوه المشايخ، وتولاهم رعب شديد، وارتبكوا في أمرهم، وارتج عليهم القول، وكان الشيخ الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، أربطهم جأشا فقال لنابوليون «إنك تريد حماية النبي وهو يحبك، وتريد أن يسرع المسلمون للانضواء تحت بنودك، وتريد إعادة مجد العرب، وتقول: إنك لست من الكافرين، فاسلم إذن وادخل في دين النبي، وحينئذ يهرع إليك 100 ألف من المصريين و100 ألف من العرب يأتون من مكة والمدينة، وينضم الجميع تحت لوائك ويلتفون حولك، ومتى مرنتهم على أساليبك، ودربتهم على القتال، استطعت أن تفتح بهم الشرق كله، وتنقذ وطن النبي.» فانبسطت أسارير المشايخ وركعوا جميعهم على الأرض يطلبون المعونة من السماء ... ودهش نابوليون وأخذه العجب؛ لأنه كان يرى أن الإنسان يجب أن يموت على دينه، ولكنه أدرك بثاقب فكره وسرعة خاطره أنه يستطيع أن يستغل ذلك القول لفائدته، فأجاب:
إن عقبتين من أصعب العقبات تعترضاني ورجالي لنصير مسلمين، أولاهما الختان، والثانية الخمر الذي تعود جنودي منذ الصغر احتساءه، وأنا لا أستطيع أن أقنعهم بالعدول عنه.
فاقترح الشيخ المهدي أن يعرض المسألة على ستين عالما من علماء الأزهر للمناقشة فيها، وذاعت الإشاعة في كل الجوامع أن كبار المشايخ يعملون ليلا ونهارا لتعليم «السلطان الكبير» وقواده قواعد الدين الإسلامي، وأنهم يريدون إصدار فتوى يسهلون بها اعتناق الفرنسيين للدين الحنيف، فطرب المسلمون وفرحوا وأذيع أن الفرنسيين يعجبون بالنبي محمد، وأن القائد العام يحفظ القرآن، ويعتقد أنه مذكور فيه الماضي والحاضر والمستقبل، وأن الكتاب يحوي كل الحكمة، وأنه يريد اعتناق الدين الإسلامي، ولكن تحول بينه وبين بغيته مسألة الختان وشرب الخمر، وظل أئمة المساجد والمؤذنون متحمسين مدة أربعين يوما لهذا الخبر، وأفادت هذه الحادثة الفرنسيين فائدة كبيرة؛ إذ لم يعد المصريون يعدونهم من الكافرين.
وذاعت أشاعات كثيرة بين الشعب، فمن قائل: إن النبي محمد ظهر «للسلطان الكبير» وقال له: «إن المماليك لم يحكموا إلا طبق أهوائهم، ولذلك أعنتك عليهم وأنت تحفظ القرآن وتحبه، وقد أعدت السلطة للعلماء والمشايخ، ولكن يجب عليك أن تتم ما بدأت به فاعتنق مبادئ شريعتي واعمل بها، إنها مبادئ الله نفسه، إن العرب لا ينتظرون غير هذه الإشارة وسأعهد إليك بفتح آسيا كلها.»
وقد اغتنم نابوليون فرصة رواج هذه الإشاعات، ورد على العلماء قائلا: إنه طلب من النبي أن يمهله سنة لتهيئة جيشه، وإعداده للدخول في دين الإسلام، فأجابه النبي إلى ما طلب، وأنه وعد ببناء جامع كبير، وأنه سينجح في حمل جيشه كله على اعتناق الدين الإسلامي، وأنه منذ الآن يعده الشيخان السادات والبكري كذلك.» ا.ه. •••
ناپیژندل شوی مخ