ناپلیان بوناپارت په مصر کې
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرونه
أنه كان يرى في سهولة الدين الإسلامي وموافقته للفطرة الإنسانية ما حببه فيه وأمال قلبه إليه.
ولدينا تصريحات نابوليون نفسه فيما أملاه على الجنرال برتران في مذكرات سانت هيلانة عن فتح مصر، وعن فكرة اعتناق الدين الإسلامي، وهي الحجة القاطعة في هذا الباب.
قال عن لسان برتران ما تعريبه: «كان دهاة السياسيين الذين خبروا مصر ووقفوا على أحوال سكانها وطباعهم يعدون الدين أكبر عقبة تعترض توطيد أقدام الفرنسيين في مصر، وقد قال «فولتي» الرحالة في سنة 1788: «للبقاء في مصر تجب مواجهة حروب ثلاثة أولاها ضد إنجلترا، والثانية ضد الباب العالي، والثالثة - وهي أشد صعوبة - ضد المسلمين الذين يتألف منهم شعب مصر.» وقد سببت هذه الأخيرة للفرنسيين بلاء شديدا، وكبدتهم خسائر جساما، وكانت أشد العقبات التي يصعب تذليلها.
وضع الفرنسيون أيديهم على الإسكندرية والقاهرة، وانتصروا في شبراخيت وإمبابة، ومع ذلك بقي مركزهم مزعزعا يعبث به المسلمون الذين أذهلتهم سرعة الحوادث، فخضعوا واستسلموا أمام القوة، ولكنهم لبثوا ينظرون بعين الكراهية والمقت إلى فوز «الكفار» الذين دنسوا بوجودهم مياه النيل المقدسة، وكان المسلمون يعدون من الفضيحة والعار وقوع الطريق الأول لبلد الكعبة المقدسة، بيد غير المؤمنين، وظل العلماء والأئمة يرددون الآيات التي تنص على مقاومة الكفار.
ومن المبادئ الأساسية التي سار عليها الأتراك والمماليك في سياستهم، أنهم أبعدوا المشايخ عن المناصب الإدارية والقضائية، ولذلك دهش العلماء والمشايخ الأجلاء، حينما رأوا أنفسهم في «زمن الفرنسيين» يولون القضاء والمناصب الإدارية، ويحكمون بين الناس، وعلا مقامهم في أعين الشعب ولم يمر شهر واحد من دخول الجيش الفرنسي إلى القاهرة، حتى تغير إحساس المشايخ نحو الفرنسيين، وتعلقوا تعلقا شديدا «بالسلطان الكبير»!! وأخلصوا له الود، وما كانت أشد دهشتهم حينما رأوا الفرنسيين الذين انتصروا في موقعة إمبابة يظهرون اهتماما كبيرا بقرى هؤلاء المشايخ وأملاكهم الخاصة ، ويحافظون عليها محافظة كبيرة، ولم يتمتع أولئك المشايخ من قبل بمثل الاحترام والإنصاف والرعاية التي تمتعوا بها تحت حكم الفرنسيين، بل سعى الناس إلى العلماء يطلبون حمايتهم، لا المسلمون وحدهم فحسب، بل المسيحيون أيضا من الأقباط واليونانيين والأرمن الذين كانوا يقيمون في مصر.
وكان المسيحيون قد انتهزوا فرصة دخول الجيش الفرنسي، وأرادوا أن يطرحوا عن أعناقهم النير القديم، وأن يخرجوا عن تقاليد البلاد وعاداتها وأن يحتقروا المسلمين أو يناوئوهم، فلما بلغت هذه الأخبار آذان القائد العام عنف أولئك المسيحيين، وأغلظ لهم القول، وأكرههم على مراعاة العادات القديمة وعدم الإخلال بها،
1
فقوبل عمله هذا من المسلمين بالفرح، ونال القائد العام ثقتهم التي لا حد لها.
لم يحفل الجيش الفرنسي بالدين منذ الثورة، ولم يدخل رجاله الكنائس في إيطاليا، ولم يغشوا كذلك كنائس مصر، ولم تغب هذه الملاحظات عن أعين العلماء والمشايخ الذين كانوا يغارون على الدين الإسلامي، وطربوا لهذا الأمر، واعتقدوا أن الفرنسيين، إن لم يكونوا من المسلمين، فهم على الأقل ليسوا من الكافرين، وأن «السلطان الكبير» من غير شك يحميه النبي! وجعلوا يذيعون هذه الفكرة، ويعملون على ترويجها بين الشعب، ويقولون للناس: إن الفرنسيين لم يكونوا لينتصروا على المؤمنين ويقهروهم، لو لم يكن قائدهم متمتعا بحماية النبي ورعايته، وأن جيش المماليك، وهو أقوى جيش في الشرق دون جدال، لم يستطع أن يقف أمام الجيش الفرنسي إلا لأن المماليك كانوا من الملحدين، وأن هذا الانقلاب ورد ذكره عدة مرات في القرآن.
وجعل نابوليون بعد ذلك يضرب على الوتر الحساس ويتكلم عن الوطنية العربية، قائلا: «لماذا تخضع الأمة العربية للأتراك؟ وكيف تكون مصر، جنة الله في أرضه، وبلاد العرب المقدسة، مهبط الوحي، خاضعتين لشعب يخرج من القوقاز؟ وإذا هبط الآن النبي من السماء فإلى أين يذهب؟ أيذهب إلى مكة، وهي لم تبق عاصمة المملكة الإسلامية؟ أم يذهب إلى الآستانة وهي مدينة دنسة يزيد فيها عدد الكافرين على المؤمنين؟ ولو ذهب إليها لكان في وسط أعدائه!! إنه بلا شك يفضل مياه النيل المقدسة ، وينزل في الجامع الأزهر وهو أول مفتاح للكعبة المقدسة.»
ناپیژندل شوی مخ