170

ناپلیان بوناپارت په مصر کې

نابوليون بونابارت في مصر

ژانرونه

ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، فعلى العاقل أن يتدبر في الأمور قبل أن يقع في المحذور.

نخبركم معاشر المؤمنين أنكم لا تسمعوا كلام الكذابين فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

وقد حضر إلى محروسة مصر المحمية أمير الجيوش الفرنساوية، حضرة بونابرتة محب الملة المحمدية، ونزل بعسكره في العادلية، سليما من المطب والأسقام، شاكرا الله موحدا للملك العلام، ودخل إلى مصر، من باب النصر، يوم الجمعة عاشر شهر محرم الحرام سنة ألف ومائتين وأربعة عشر من هجرته عليه السلام، في موكب كبير عظيم، وشنك جليل فخيم، وعسكر كثير جسيم، وصحبته العلماء الأزهرية والسادات والبكرية، والعنانية والدمرداشية، والحسينية والأحمدية والرفاعية والقادرية، والوجاقات السبعة السلطانية، وأرباب الأقلام الديوانية، وأعيان التجارة المصرية، وكان ذلك اليوم يوما مشهودا عظيما لم يقع نظيره في المواكب السابقة قديما، وخرجت سكان مصر جميعا لملاقته «كذا» فوجدوه هو الأمير الأول بونابرته بذاته وصفاته، وظهر لهم أن الناس يكذبون عليه، شرح الله صدره للإسلام، ونظر بعين لطفه إليه، والذي أشاع عنه الأخبار الكاذبة، العربان الفاجرة، والغز الهاربة، ومرادهم بهذه الإشاعة هلاك الرعية، وتدمير أهل الملة الإسلامية، وتعطيل الأموال الديوانية، لا يحبون راحة العبيد، وقد أزال الله دولتهم من شدة ظلمهم، إن بطش ربك لشديد، وقد بلغتنا أن الألفى توجه إلى الشرقية مع بعض المجرمين من عربان «يلي» والعبايدة الفجرة المفسدين، يسعون في الأرض بالفساد وينهبون أموال المسلمين، إن ربك لبالمرصاد، ويزورون على الفلاحين المكاتيب الكاذبة الفاجرة، ويدعون أن عساكر السلطان حاضرة، والحال أنها ليست بحاضرة، فلا أصل لهذا الخبر، ولا صحة لهذا الأثر، وإنما مرادهم وقوع الناس في الهلاك والضرر، مثل ما كان يفعل إبراهيم بك في غزة حين كان، ويرسل فرمانات بالكذب والبهتان، ويدعي أنها من طرف السلطان، ويصدقوه أهل الأرياف خسفاء العقول، ولا يقرءون العواقب، فيقعون في المصائب، وأهل الصعيد طردوا الغز من بلادهم، خوفا على أنفسهم وهلاك عيالهم وأولادهم، فإن المجرم يؤخذ مع الجيران، وقد غضب الله على الظلمة، ونعوذ بالله من غضب الديان، فكانوا أهل الصعيد أحسن عقولا من أهل بحري بسبب هذا الرأي السديد، ونخبركم أن أحمد باشا الجزار، سموه بهذا الاسم لكثرة قتله الأنفس ولا يفرق بين الأخيار والأشرار، وقد جمع الطموش الكثيرة من عسكر العثملي ومن الغز والعرب وأسافل العشيرة، وكان مراده الاستيلاء على مصر وأقاليمها، وأحبوا اجتماعهم عليه لأخذ أموالها وهتك حريمها، ولكن لم تساعه الأقدار، والله يفعل ما يشاء ويختار.

ألطافه خفية، والكلام على صفو النية، وقد كان أرسل بعض هذه العساكر إلى قلعة العريش، ومراده يصل إلى قطية، فتوجه حضرة ساري عسكر أمير الجيوش الفرنساوية وكسر عسكر الجزار الذين كانوا في العريش، ونادوا الفرار الفرار، بعد ما حل بأكثرهم القتل والدمار، وكانوا نحو ثلاثة آلاف، وملك قلعة العريش وأخذ ما فيها من ذخائر الجزار بلا خلاف، ثم توجه صاري عسكر إلى غزة فهرب من كان فيها من عسكر الجزار، وفروا منها كما يفر من الهرة العصفور والفار، ولما دخل قلعة غزة نادي في رعيتها بالأمان، وأمر بإقامة الشعائر الإسلامية وأكرم العلماء والتجار والأعيان، ثم انتقل إلى الرملة وأخذ ما فيها من ذخائر الجزار، من بقسماط وأرز وشعير وخرب أكثر من ألفين قرية عظام كبار، كان جهزها الجزار، لذهابه إلى مصر ولكن لم تساعده الأقدار، ثم توجه إلى يافا وحاصرها ثلاثة أيام ثم أخذها وأخذ ما فيها من ذخائر الجزار بالتمام، ومن نحوسات أهلها أنهم لم يرضوا بأمانه، ولم يدخلوا تحت طاعته وإحسانه، فدور فيهم السيف من شدة غيظه وقوة سلطانه، وقتل منهم نحو أربعة آلاف أو يزيدون بعدما هدم سورها، فعل الله الذي يقول للشيء كون «كذا» فيكون، وأكرم من كان فيها من أهل مصر وأطعمهم وكساهم وأنزلهم في المراكب إلى مصر وغفرهم بعسكر خوفا من العربان، وأجزل عطاياهم، وكان في يافا نحو خمسة آلاف من عسكر الجزار، هلكوا جميعا وبعضهم ما نجاه إلا الفرار، ثم توجه من يافا إلى جبل نابلس فكسر من كان فيها من العساكر بمكان يقال له: فاقوم وحرق خمسة بلاد من بلادهم، وما قدر كان، سبحان مالك الملك الحي القيوم، ثم أخرب سوق عكا، وهدم قلعة الجزار التي كانت حصينة لم يبق فيها حجر على حجر حتى إنه يقال: كان هناك مدينة، وقد كان بنى حصارها وشيد بنيانها في نحو عشرين من السنين، وظلم في بنياتها عباد الله، وهكذا عاقبة بغيان الظالمين.

ولما توجه إليه أهل بلاد الجزار من كل ناحية كسرهم كسرة شنيعة، فهل ترى لهم من باقية، نزل عليهم كصاعقة من السماء، فإن قال أهل الشام لما قلنا كما «كذا» ثم توجه راجعا إلى مصر المحروسة لأجل سببين «الأول» أنه وعدنا برجوعه إلينا بعد أربعة أشهر، والوعد عند الحر دين، «والسبب الثاني» أنه بلغه أن بعض المفسدين من الغز والعربان يحركون في غيابه الفتن والشرور في بعض الأقاليم والبلدان، فلما حضر سكنت الفتنة، وزالت الأشرار مثل زوال الغيم عند شروق الشمس وسط النهار، فإن همته العلية، وأخلاقه المرضية، متوجهة في البكرة والعشية، لإزالة الأشرار والفجرة من الرعية، وحبه لمصر وإقليمها شيء عجيب، ورغبته في الخير لأهلها ونيلها وزرعها بفكره وتدبيره المصيب، يحب الخير لأهل الخير والطاعة، ويرغب أن يجعل فيها أحسن التحف والصناعة، ولما حضر من الشام، أحضر معه جملة أساري من خاص وعام، وجملة مدافع وبيارق اغتنمها في الحروب من الأعداء والأخصام، فالويل كل الويل لمن عاداه، والخير كل الخير لمن والاه، فسلموا يا عباد الله لقضاء الله، وارضوا بتقدير الله فإن الأرض لله، وامتثلوا لأحكام الله، فإن الملك لله يؤتيه من يشاء من عباده، هذا هو الإيمان بالله ولا تسعوا في سفك دمائكم، وهتك عيالكم، ولا تتسببوا في قتل أولادكم ونهب أموالكم، ولا تسمعوا كلام الغز الهاربين الكاذبين، ولا تقولوا إن في الفتنة إعلاء كلمة الدين، حاشا لله لم يكن فيها إلا الخذلان التام، وقتل الأنفس وذل أمة النبي عليه الصلاة والسلام، والغز والعربان يطمعوكم ويغروكم لأجل أن يضروكم فينهبوكم، وإذا كانوا في بلد وقدمت عليهم الفرنسيس فروا هاربين منهم كأنهم جنود إبليس، ولما حضر ساري عسكر إلى مصر أخبر أهل الديوان من خاص ومن عام، أنه يحب دين الإسلام، ويعظم النبي عليه السلام، ويحترم القرآن، ويقرأ فيه كل يوم بإتقان، وأمر بإقامت «كذا» شعائر المساجد الإسلامية، وإجراء خيرات الأوقاف السلطانية، وسلم عوائد الوجاقلية، وسعى في حصول أقوات الرعية، فانظروا هذه الألطاف والمزية، ببركة نبينا أشرف البرية، وعرفنا أن مراده يبني لنا مسجدا عظيما بمصر لا نظير له في الأقطار، وأنه يدخل في دين النبي المختار، عليه أفضل الصلاة وأتم السلام».

ويرى القراء في الصورة الفوتوغرافية أسماء أعضاء الديوان الخصوصي كالآتي: السيد خليل البكري نقيب السادة الأشراف، الفقير عبد الله الشرقاوي رئيس الديوان، الفقير محمد المهدي كاتب سر الديوان، الفقير مصطفى الصاوي خادم العلم، الفقير سليمان الفيومي خادم العلم، علي كتخدى باش اختيار مستحفظان، يوسف باش جاوش تفتكجيان، السيد أحمد المحروقي.

2

يلاحظ القارئ أن جميع أعضاء الديوان الخصوصي الذي شكل في «16 رجب سنة 1213 / 25 ديسمبر سنة 1799»؛ أي: قبل هذا الموعد بنحو ستة شهور، وسبق لنا الكلام بشأنهم، لم يوقعوا كلهم على هذا المنشور، واكتفي بوضع إمضاءات العلماء والسيد أحمد المحروقي سر تجار القاهرة، واثنين من الضباط الأتراك ضباط الوجاقات، ولم يكن قد ورد اسمهما في الأسماءالتي ذكرها الجبرتي عند تشكيل الديوان، ولا في كتاب الحملة كما هو موضح في كتابنا، هذا فلا بد إذن من أنه حصل تغيير أو زيادة عضوين من ضباط الوجاقات بقصد إرهاب المصريين؛ لأنهم، كما قال عنهم المشايخ للفرنساويين عند دخولهم، لا يخافون إلا من الحكام المماليك، ثم يظهر أن نابوليون ارتأى إخلاء المنشور من أسماء الأعضاء غير المسلمين؛ لأن أسماء مثل بودوف وكاف ولطف الله وكحيل وولمار لا تتفق مع دعاوى «قراءة القرآن بإتقان، واحترام النبي عليه الصلاة والسلام، والعزيمة على الدخول في دين الإسلام»!!

نص المنشور العربي.

وقد خصص مسيو كرسيتان شرفيس في كتابه الحديث المسمى «بونابرت والإسلام» بحثا خاصا عن هذا المنشور ومتى كتب ومن كتبه، وهو الذي نقلنا عنه الصورة الفوتوغرافية التي حصل على صورتها الأصلية من وزارة الحربية، وظاهر من التحقيقات التي عملها على الأصل الخطي أن نابوليون هو الذي أملى عبارة المنشور على كاتب يده بوريين، وأنه بعد ذلك أخذ ما كتبوه وأدخل عليها بخطة تصليحات وزيادات ثم أمر به فنسخ ، وإن كان ذلك حصل بين 15 و16 يونيه؛ أي: ثاني يوم لدخوله القاهرة، والجبرتي يقول لنا: إنه في التاسع عشر من محرم كتبوا أوراقا وألصقوها «19 محرم الموافق 23 يوليو» ولم يك من السهل ترصيف وتسجيع عبارة المنشور لموافقتها للأصل الفرنساوي في مدة قصيرة بسبب ما يدور من المناقشات والأخذ والرد بين المترجمين والمصححين.

ناپیژندل شوی مخ