نکبت
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
ژانرونه
خرجت أوروبة من العصور المظلمة قبل وصول الأتراك الفاتحين إلى حواشيها الشرقية، فظهر فيها العالم والمصلح والمخترع والمكتشف، بينما رعايا هذه الدولة التترية ظلوا مقيدين بقيود الجهل، ومسوقين بسوط الظلم إلى كل ما فيه تحقيق أهواء حكامها وشهواتهم.
فلولا الجهل لما كان الظلم، لولا الجهل لما كان الشقاق والتعصب والضعف والخنوع، ولولا الضعف والخنوع لما استطاعت تلك الدولة الأثيمة أن تحكم رعاياها المتعددة الأجناس والأديان بأذناب الخيل، بالأطواخ.
1
إلى هذا الحد بلغ احتقار الدولة لمن يدفعون خراجها، والأنكى من ذلك أن خراج بعض الألوية كان مخصصا لبعض نساء القصر؛ أي نساء السلطان الثماني الشرعيات
2 (وقد خصص ربع إيالة الشام للمرأة السابعة)، فكن يعين جباة من قبلهن يجبون حصتهن، وكثيرا ما كانت تجبى مرتين.
وهو ذا الطوخ جاء يبشر بقدوم الوزير. هاتوا المال والأرزاق، وتعالوا قدموا فروض الطاعة!
أما الذي لا يتبرع بشيء لنفقات الضيافة - وكسب المضيفين - ولا يعفر الوجه ليظهر إخلاصه للسدة الشاهانية العالية، فهو من الخونة؛ هو خائن الملة والوطن، والويل ثم الويل له.
لنعد إلى التاريخ، وقد تركنا المخلصين للعرش والملة في الشام يسلخون رءوس الخونة ويعيدون.
وكان والي دمشق في أواخر القرن الثامن عشر يحارب الجزار، والأمير بشير يحارب الأمير حيدر في لبنان، وقائد الأسطول العثماني ينصح لمسلمي بيروت بذبح النصارى، والإنكشارية في حلب يذبحون الأعيان والأشراف، والجنود الدالاتية ينهبون قرى دمشق ويخربونها، والدولة راضية بهذه الفوضى، بهذه الفتن، بهذه النكبات البعيدة عنها بشرط أن يقدم أربابها للسدة الشاهانية ما عليهم من الطاعة والمال.
وهو ذا القائد الإفرنسي الشهير يجيء بعد كسرته بمصر (1213ه/1798م) ليختم في سورية عهد البلاء والفوضى،
ناپیژندل شوی مخ