نکبت
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
ژانرونه
ولا تزال العصبيات الدينية والجنسية أو الإقليمية، متغلبة على عوامل اللغة والدين. لا يزال للفينيقي والآشوري والحثي والكنعاني والنبطي واليوناني والرومي والآرامي، أثر حي مفسد في حياة السوريين الاجتماعية والوطنية، ولا يزال للأوثان الغربية والشرقية - للبعل والزهرة واللات وعشتروت - أثر ظاهر في أديانهم.
أنت سورية بلادي، أنت بابل العصبيات، وأنت بابل الأديان.
الفصل الثامن
الدولة الأموية
تعود الناس أن يقبلوا أحكام التاريخ دون أن يعيدوا النظر فيها، وتعود الكتاب والمؤرخون أن ينقلوا ويقتبسوا بعضهم عن بعض، دون أن يحكموا العقل فيما ينقلون ويقتبسون. أما هذه النبذة التاريخية فلا حكم فيها لغير العقل والحقيقة.
قامت في الشام على أثر الفتح العربي دولة عربية مجيدة، مجيدة في ثلاثة أمور لا غير؛ أي في فتوحاتها، وفي ترفها، وفي تعزيزها اللغة العربية، وما سوى ذلك فالمؤرخون في الكلام عليها اثنان: متحيز ومتحامل. أما كاتب هذه النبذة، فلا ناقة له في الفيحاء ولا جمل في النجف.
إذن، بعد التوكل على الله والحقيقة، أقول: كانت الدولة الأموية بعيدة عن العدل - عن عدل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين - بعد الشام عن الكوفة، وكانت الدول الأموية بعيدة عن الحكمة في أكثر أعمالها، وعن النظام والإدارة في أكثر أحوالها، بعد عاصمتها عن السند والأندلس.
لا يسمح نطاق هذه النبذة بالتوسع في البحث، ولكني، إذا ما عرفت القارئ إلى الخلفاء الأمويين واحدا واحدا بكلمة أو كلمتين، أكون قد أديت البرهان على ما قلت في الفقرة السابقة.
أول الخلفاء الأمويين معاوية، وهو ولا ريب من كبار من أسسوا ملكا في العالم، وهو الأموي الوحيد الذي استطاع أن يعدل في العصبيات، فلم يؤثر واحدة على أخرى، إلا أن له زلات، والكبرى فيها هي أنه سمح بذم علي بن أبي طالب على منابر الأمصار، فتأججت النيران في صدور شيعته، وظلت تستعر حتى بلغت الشام فالتهمت العرش الأموي. فأين الحلم الذي يصفه به المؤرخون؟ ومن زلاته أنه كان يشتري الأنصار فينصرونه بألسنتهم وبأيديهم لا بقلوبهم، وقد طالما تساهل في أمور إدارية نعدها اليوم خيانة وطنية.
1
ناپیژندل شوی مخ