الرجل لا يمكنه أن يفسد امرأة فاضلة ويجرها إلى السقوط ما لم يستعن بقوة الجن ويمضي السنين الطوال معالجة بالاسترحام والقسوة، وهو بعد العناء الشديد لا يكفل لنفسه نجاحا بقصده السافل.
أما الرجل فمهما زاد فضله وارتقت نفسه، فهو أقل مقاومة للشر من المرأة، لفتة فاحشة تضرم النار في قلبه، حركة نهد واهتزاز ردف تدفع نفسه إلى شفير الهاوية.
سطوتك عظيمة أيتها المرأة؛ لأن نفسك أقوى من نفس الرجل، وسلطتك تتبعه من جنب سريره حتى ما وراء قبره وتلازمه في عالم الأرواح وفي الخلود.
إذا كانت روحك وروح زوجك لا تتفاهمان، فذلك لأن كل روح تجول بطبقتها وحدها فهو يئن منك وأنت تبكين منه.
إذا كنت تشعرين بأن زوجك أدنى منك طبقة وأقرب إلى المادة، فانزلي معه إلى طبقته، وبعد أن تتملك يداك بقلبه انشري جناح روحك أيتها الملاك وارتفعي مع قبضة التراب الزائلة إلى طبقة الحب الخالد الذي لا يزول، تدرجي به رويدا إلى حيث يصبح الحب عبادة والعطف تقديسا، وحينئذ انظري إلى نتيجة جهادك وضعي يدك على قلبك فيناجيك بكل أسرار الحب وأمجاده، فإن المرأة تحب الرجل الراقي ولكنها تعبد الرجل الذي صار بفضلها راقيا.
وإذا كنت أيتها المرأة منتفخة بالكبرياء، وحب التبرج قاتل نفسك، فاعلمي بأنك عبدة أميالك أولا وعبدة الذي يتبع تلك الأميال ثانيا، اعلمي بأنك ما دمت أسيرة هذه السفاسف فلست امرأة؛ بل أنت حيوان ضال يسير إلى الهاوية ومعه كل ما يحمل، أيتها المرأة أنا لم أجد كائنا حكمته الأميال وتمكن من الحكم، كل نفس تضغط عليها المادة لا يمكن لها أن تصلح ذاتها، فكيف تقدر على إصلاح السوي؟ إن الذي لا يحكم على نفسه فهو مخلوق للعبودية، إذا كنت لا تحتقرين الخاتم والفسطان فكيف تريدين أن تنجلي روحك ليعبدها الرجل؟ إذا كنت ترين كل جمالك بجسدك وتحولين كل قواك للتسلط بهذا الجمال، فالرجل يحب هذا الجسد الذي تحصرين به جمالك، ولكنه لا يتعلق بك ولا يفهم أن لك ذاتا مستقلة، المرأة التي لا تجد بذاتها غير طرف كحيل وخصر نحيل وثغر بسام تقدمها لزوجها، فلتكن على ثقة بأن هذا الزوج سيخونها بأول فرصة تنفرج لديه، أيتها المرأة افهمي جيدا ما أقول: جمال الجسد يجذب الجسد إلى كل جمال مشابه به فكلما قدمت لرجلك تحسينا جديدا تنفتح قابليته فيركض وراء كل حسن أينما وجده، المادة لا تشبع ... الذوق الترابي متشعب إلى ما لا نهاية له، وأعصاره تهب من حيث لا ندري ... جمال الجسد يسكر ويزول، أما جمال الروح فيؤثر على الروح، والنفس المحبة إذا فهمت كيف تسطو على نفس من تحب فهي تعطيها السعادة وتربطها إلى الأبد ...
الرجل يمكن أن يحفظ عاطفة الصداقة لخمسين رجل مثله برتبة واحدة؛ لأن الأرواح متشابهة بهم نوعا وجنسا، والمرأة يمكن لها ما يمكن للرجل من تعدد الصديقات، أما الحب المتأصل ما بين نفس رجل ونفس امرأة تتفاهمان، فذلك حب لا يقبل شركا؛ لأن السلب والإيجاب من أصل واحد يندغمان اندغاما لا يقبل الانفصال، وكما أن التعقل الواحد لا يمكن له أن ينتج إرادتين مختلفتين هكذا، لا يمكن لروح الرجل أن تحب امرأتين، وكما أن الإرادة الواحدة لا يمكن أن تنقسم لتعقلين مختلفين هكذا المرأة لا يمكن لها أن تحب أكثر من رجل واحد.
أنت مخيرة أيتها المرأة بين حب الجسد وحب الروح، وكل حب مرتكز على الجمال وقد عرفت ماهية الجمالين فادفعي إلى الارتقاء أيهما تشائين، قوي عواطفك كل يوم بالتدرب على كل ما هو رحمة وحنان ومغفرة ونكران ذات، ترفعي عن السفاسف والحدة التي تعلن ضعف العقل، فلا يطول حتى تري نفسك محلقة في فضاء جديد يمدك بقوة عجيبة، تشدد روحك إلى رفع كل من حولك لطبقتها، فيسود التفاهم بينك وبين رجلك وتكون العائلة مديونة لك بسعادتها.
أيتها السيدة لا تعترضي علي مدعية بأن زوجك بالغ درجة من التقهقر تتلاشى عندها كل محاولة سامية، أنا أعلم بأن الخير أصل؛ لأنه أزلي، والشر طارئ حوال لأنه عارض لا كيان له بذاته، ولهذا لا يمكن أن نجد على الأرض كائنا نزع منه مبدأ الخير إلى النهاية، فتشي عن أسباب الشر في رجلك، اطمحي إلى معرفة مبدأ الشقا ولا تتلهي بالبكاء على نتائجه فقط، ليس الشر إلا مصيبة على عاتق الشرير تتمرر روحه من حملها، ليس سكير إلا ويتحرق بعد سكره، ليس محب للتهتك إلا ويسطو عليه خمود تتألم الروح منه حين يتلاشى الشبق بعد جهاد الأجسام، ليس سارق إلا ويود ألا يكون كذلك، ليس قاتل إلا وترتجف روحه طي جسده المتعب، ليس متكبر إلا ونفسه تتمرر من حمل كبريائه.
كل شر في الإنسان له حالتان؛ حالة الهياج وحالة الوهن والهمود.
ناپیژندل شوی مخ