وثالثها: يجب على الحاكم الحكم بشهادة من ظاهره العدالة مع أنه لا تجب عصمة الشاهد.
ورابعها: أنه يلزم العبد طاعة سيده فيما لا يعلمه محرما، وكذلك الابن لوالده، مع أنه لا تجب عصمة السيد والوالد.
وخامسها: أن المأموم يتبع الإمام في الصلاة وإن جوز أن يكون فعل الإمام محظورا بأن قصد بركوعه وسجوده عبادة صنم، فضلا عن وجوب عصمته.
والجواب عن الأول: أنه ثبت في أصول الفقه أن الحق في جهة، وحينئذ يجوز أن تكون تلك الجهة جهة الإمام. فلو جوزنا خلافه لجاز أن يقع ذلك خلاف الحق، وحينئذ يعود المحال! سلمناه، لكن خطأ في أمر منصوص عليه جائز، وحينئذ يعود الإلزام.
وعن المعارضات:
أما عن الأولى: فهو أنا لا نسلم أن متابعة الأمير والقاضي بمجرد قولهما، بل لقيام قولهما مقام قول الإمام ولأمره لنا باتباع أقوالهما، ولهذا فإنه لو خالفت أوامرهما شيئا من الشريعة وجب على الخلق مراجعة الإمام.
قوله: " هذا إنما يتصور في أمير قريب الدار من الإمام أما في البعيد بحيث لا يتمكن تلافي ما يفعله " إلى آخره.
قلت: الأمير المفروض إما أن يمكن للإمام تدارك كل الأحكام عنه، أو لا يمكن تدارك شئ منها، أو يمكن تدارك بعضها دون البعض، وعلى التقديرات الثلاثة فاشتراط عصمة الإمام إنما هو للقدر الممكن من تدارك الأحكام، وسواء كان امتناع التدارك لبعد المسافة أو لعدم الاطلاع فإن كل ذلك لا يقدح في اشتراط وجوب العصمة، لأنه لا يلزم من اشتراط العصمة اطلاع المعصوم على كل الكائنات، ولا اقتداره على ما يخرج عن طاقة البشر.
مخ ۶۰