167

فصل في إثبات التخلخل والتكاثف

ولأن هذا الجوهر إنما صار كما بمقدار حله فليس بكم بذاته فليس يجب أن يختص ذاته بقبول قطر بعينه دون قطر وقدر دون قدر ونسبة ما هو غير متجزى في ذاته بل إنما يتجزى بغيره إلى أي مقدار يجوز وجوده له نسبة واحدة " وإلا فله مقدار في ذاته يطابق ما يساويه دون ما يفضل عليه " وهو في الكل والجزء واحد لأنه محال أن يكون جزء منه يطابق جزأ من المقدار وليس له في ذاته جزء فبين من هذا أنه يمكن أن تصغر المادة بالتكاثف وتكبر بالتخلخل وهذا محسوس بل يجب أن يكون تعين المقدار عليها بسبب يقتضي في الوجود ذلك المقدار وإن لم يتعين لها مقدار لذاتها وذلك السبب لا يخلو إما أن يكون فيها فيكون الكم تابعا لصورة أخرى في المادة أو يكون لسبب من خارج فإن كان لسبب من خارج فلا يخلو إما أن يوجب السبب ذلك التعين من غير أن يؤثر فيها أثرا آخر يتتبع الكم ذلك الأثر أو يكون ويفعل فيها أثرا آخر - ثم يتبعه الكم فإن كان تابعا له أفاده بمقدار ما لذلك السبب لا لأن الجسم يختص به لنسبته إلى استعداد معين واحد فتتساوى الأجسام في الأحجام وهذا محال. فإذا إنما يختلف بحسب إختلاف الاستعدادات وهي تابعة لمعان غير نفس المواد فالكم يتبع لا محالة أثرا ما يوجد في المادة فيرجع الحكم إلى القسم الأول وهذا أيضا مبدأ للطبيعيات - وأيضا فإنه يختص لا محالة بحيز من الأحياز. وليس له حيزه الخاص به بما هو جسم - وإلا لكان كل جسم كذلك فهو إذا لا محالة مختص به لصورة ما في ذاته - وهذا بين فإنه إما أن يكون غير قابل للتشكيلات والتفصيلات كالفلك فيكون لصورة ما صار كذلك لأنه بما هو جسم قابل لها وإما أن يكون قابلهما بسهولة أو بعسر وأياما كان فهو على إحدى الصور المذكورة في الطبيعيات. فإذا المادة الجسمية لا توجد مفارقة للصور. فالمادة إذا إنما تقوم بالفعل بالصورة فإذا إذا أخذت في التوهم مفارقة لها عدمت والصورة إما صورة لا تفارق المادة وإما صورة تفارقها المادة ولا تخلو المادة عن مثلها: والصورة التي تفارقها المادة إلى عاقب فإن معقبها به يستبقيها بتعقيب تلك الصور فتكون الصورة من جهة واسطة بين المادة والمستبقي والواسطة في التقويم أولى بتقويم ذاته ثم يقوم به غيره - وهي العلة القريبة من المستبقي في البقاء فإن كانت تقوم بالعلة المبقية للمادة بوساطتها فالقوام لها من الأوائل أولا. وإن كانت قائمة لا بتلك العلة بل بنفسها ثم تقوم المادة بها فذلك أظهر فيها - وأما الصورة التي لا تفارق فلا فضل للمادة عليها في الثبات. ثم المادة إذا إنما خصصت بها لعلة أفادتها إياها ولو

مخ ۱۶۷