قوله: وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل أثما ممن بطل ما قد ثبت دليله من الأحكام فالكل إما من التقول على الله بما لم يقل أو من إبطال ما قد شرعه الله لعباده بلا حجة.
أقول: هذا عين الصواب وغاية المراد عند ذوي الألباب لو ثبت عليه قائله ولقد أثبتنا ما أثبتناه من نجاسة الدم مسفوح بأدلة قرآنية ونبوية واجتماعية وقياسية لا تكاد تخفي على من كان له أدنى إلمام بعلم الأصول وهل تخفى الشمس في رابعة النهار إلا على من كان أعمى { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا } (¬1) وقد عرفت بأن الخصم هو الذي أبطل ما ثبت بالدليل فحق عليه القول اللهم إلا إن ينفي الاستدلال بجميع المحتملات كما يشعر به ظاهر كلامه فيتنصل عن عقله ولا جواب له.
قوله: وبالجملة فالتصريح منه - صلى الله عليه وسلم - بالقول بما هو الواجب في ذلك هو الأولى بالإتباع لكونه كلاما مع آمته.
أقول: هذا التعليل بترجيح القول على الفعل لا فائدة فيه لأن علله بكونه كلاما مع أمته فجوابه كذلك الفعل أيضا فعل مع أمته لأنه لم ينقل عنه بأنه يخلو متى ما أراد أن يفعل فعلا مختصا به فهلا علل بما علل به الأصوليون بكون الفعل يحتمل اختصاصه به.
قوله: وأقول لك ثانيا يا أخي أحاديث التخصيص هنا صحيحة لا شك فيها ولا ريب فما الذي دعا هؤلاء إلى الوقوع في مضيق التعسف ..الخ.
أقول: لا أدري ما أراد بقوله أحاديث التخصيص هنا صحيحة ..الخ وأظنه ل يدري ما معنى كلامه أيضا لأنه إن أراد بأحاديث التخصيص ما أسفله من أحاديث التخفيف فلا معنى لإضافته إلى التخصيص وأيضا فالمشار إليهم وهو القائلون بتنجيس الدم المسفوح لا يمنعون التخفيف فيما ذكره فظهر أن تشنيعه إنما نشأ عن محض جهل واستيلاء حمق أعاذنا الله منهما.
¬__________
(¬1) الإسراء:72.
مخ ۱۲