حاجب بين العبد والرب. (1) فانظر أيها العاقل إلى هؤلاء وعقائدهم في الله تعالى كما تقدم وعبادتهم ما سبق واعتذارهم في ترك الصلاة ما مر ومع ذلك فإنهم عندهم الأبدال (2) فهؤلاء أجهل الجهال
المبحث السابع في أنه تعالى متكلم
وفيه مطالب
المطلب الأول في حقيقة الكلام
الكلام عند العقلاء عبارة عن المؤلف من الحروف المسموعة. (3)
(1) واستدل جلال الدين الرومي في مقدمة المجلد الخامس للمثنوي بأنه: لو ظهرت الحقائق بطلت الشرايع، لأن الشرايع سراج في الوصول إلى الحق، فطلب الدليل بعد الوصول إلى المدلول قبيح.
راجع: أيضا أسرار التوحيد ص 186، وشرح كلشن للأهيجي ص 207.
(2) قال الحامي في نفحات الأنس: الأبدال صنف من أولياء الله، دون مرتبة القطب، ومأمورون بأمور الخلق. وقال الهجويري: عددهم في كل عصر أربعين. وقال القيصري: إنهم بواسطة تعريهم عن قيود المادية، ورفع حجب ظلمتها يتشكلون بأشكال مختلفة وإنهم واصلون بالحق، ومن روحانيات المحض.
(3) لا يخفى: أنه إذا صدر الكلام من المتكلم، فلا يتصور، ولا شيء هناك إلا أمور ستة، الأول: صدور الصوت والحروف عنه. الثاني: علمه بما تكلم به. الثالث: تصور النسبة بين الموضوع والمحمول. الرابع: وجود الرابط اللفظي بينهما. الخامس: توجه السامع لمعاني كلام المتكلم. السادس: فهمه لمراد المتكلم من كلامه، والخامس والسادس ليسا كلاما بالاتفاق. والأمور الباقية غير الأول لا تسمى كلاما أيضا، لأنها إما تصور الرابط، أو النسبة الواقعية واللاواقعية، وأما العلم، أو الارادة، أو مجرد الوهم والخيال، وليس وراءها شيء يسمى كلاما نفسيا.
ومن الواضح أن الكلام النفسي، الذي يعنونه في الخبر مخالف للثاني، والثالث، لأنه باقرارهم غير العلم والارادة، والوهم والخيال، وغير تصور الأطراف والعلم بالنسبة.
ومخالف للرابع، لأن مفردات اللفظ والرابط أمور خارجية غير قديمة، وهكذا معانيها غالبا، فبالضرورة والوجدان يعلم أن الكلام ليس إلا الأمر الأول، وهو كيف عرض محسوس بالسمع، فلا يكون كلام النفسي معقولا.
مخ ۵۹