والاثنان نصف الأربعة وبين حصول العلم بأن العالم محدث أو أن النفس جوهر أو أن الإنسان حيوان أو أن العدل حسن عقيب قولنا إن الواحد نصف الاثنين والاثنان نصف الأربعة. وأي عاقل يرتضي لنفسه اعتقاد أن من علم أن الواحد نصف الاثنين وأن الاثنين نصف الأربعة يحصل له علم أن العالم محدث وأن من علم أن العالم متغير وكل متغير محدث يحصل له العلم بأن الواحد نصف نصف الأربعة وأن زيدا يأكل ولا يحصل له العلم بأن العالم محدث وهل هذا إلا عين السفسطة
البحث الثاني في أن النظر واجب بالعقل
والحق أن مدرك وجوب النظر عقلي لا سمعي وإن كان السمع قد دل عليه أيضا بقوله قل انظروا (1) وقالت الأشاعرة قولا يلزم منه انقطاع حجج الأنبياء وظهور المعاندين عليهم وهم معذورون في تكذيبهم مع أن الله تعالى قال لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل (2) فقالوا إنه واجب بالسمع لا بالعقل (3) وليس يجب بالعقل شيء البتة. فيلزمهم إفحام الأنبياء واندحاض (4) حجتهم لأن النبي إذا جاء إلى المكلف وأمره بتصديقه واتباعه لم يجب عليه ذلك إلا مع العلم
(1) يونس: 101 «قل انظروا ما ذا في السماوات والأرض» .
(2) النساء: 165.
(3) كما قرره الفضل في المقام بقوله: «فعند الأشاعرة طريق ثبوته بالسمع. وليراجع الملل والنحل- ج 1 ص 101.
(4) الاندحاض: البطلان.
مخ ۵۰