يلزم الجبرية كونه تعالى ظالما ومنها أنه يلزم منه تجويز انتفاء ما علم بالضرورة ثبوته. وبيانه أنا نعلم بالضرورة أن أفعالنا إنما تقع بحسب قصودنا ودواعينا وتنتفي بحسب انتفاء الدواعي وثبوت الصوارف. فإنا نعلم بالضرورة أنا متى أردنا الفعل وخلص الداعي إلى إيجاده وانتفى الصارف فإنه يقع ومتى كرهناه لم يقع فإن الإنسان متى اشتد به الجوع وكان تناول الطعام ممكنا فإنه يصدر منه تناول الطعام ومتى اعتقد أن في الطعام سما انصرف عنه وكذا يعلم من حال غيره ذلك فإنا نعلم بالضرورة أن شخصا لو اشتد به العطش ولا مانع له من نهج الحق ص : 105شرب الماء فإه يشربه بالضرورة ومتى علم مضرة دخول النار لم يدخلها ولو كانت الأفعال صادرة من الله تعالى جاز أن يقع الفعل وإن كرهناه وانتفى الداعي إليه ويمتنع صدوره عنا وإن أردناه وخلص الداعي إلى إيجاده على تقدير أن لا يفعله الله تعالى وذلك معلوم البطلان فكيف يرتضي العاقل لنفسه مذهبا يقوده إلى بطلان ما علم بالضرورة ثبوته.
يلزم الجبرية نفي ما علم ثبوته وإثبات ما علم نفيه بالضرورة
ومنها أنه يلزم تجويز ما قضت الضرورة بنفيه وذلك لأن أفعالنا إنما تقع على الوجه الذي نريده ونقصده ولا يقع منا على الوجه الذي نكرهه فإنا نعلم بالضرورة أنا إذا أردنا الحركة يمنة لم تقع يسرة ولو أردنا الحركة يسرة لم تقع يمنة والحكم بذلك ضروري فلو كانت الأفعال صادرة من الله تعالى جاز أن تقع الحركة يمنة ونحن نريد الحركة يسرة وبالعكس وذلك ضروري البطلان.
مخ ۵۷