ومنها أنه يلزم نسبة المطيع إلى السفه والحمق ونسبة العاصي إلى الحكمة والكياسة والعمل بمقتضى العقل بل كما ازداد المطيع في طاعته وزهده ورفضه للأمور الدنيوية والإقبال على الله تعالى بالكلية والانقياد إلى امتثال أوامره واجتناب مناهيه نسب إلى زيادة الجهل والحمق والسفه وكلما ازداد العاصي في عصيانه ولج في غيه وطغيانه وأسرف في ارتكاب الملاهي المحرمة واستعمال الملاذ المزجور عنها بالشرع نسب إلى العقل والأخذ بالحزم لأن الأفعال القبيحة إذا كانت مستندة إليه تعالى جاز أن يعاقب المطيع ويثيب العاصي فيجعل المطيع بالتعب ولا تفيده طاعته إلا الخسران حيث جاز أن يعاقبه على امتثال أمره ويحصل في الآخرة بالعذاب الأليم السرمد نهج الحق ص : 88و العقاب المؤبد وجاز أن يثيب العاصي فيحصل بالربح في الدارين ويتخلص من المشقة في المنزلتين. ومنها
أنه تعالى كلف المحال لأن الآثار كلها مستندة إليه تعالى ولا تأثير لقدرة العبد البتة فجميع الأفعال غير مقدورة للعبد وقد كلف ببعضها فيكون قد كلف ما لا يطاق. وجوزوا بهذا الاعتبار وباعتبار وقوع القبح منه تعالى أن يكلف الله تعالى أن يخلق مثله تعالى ومثل نفسه وأن يعيد الموتى في الدنيا كآدم ونوح وغيرهما وأن يبلع جبل أبي قبيس دفعة ويشرب ماء دجلة جرعة وأنه متى لم يفعل ذلك عذبه بأنواع العذاب. فلينظر العاقل في نفسه هل يجوز له أن ينسب ربه تعالى وتقدس إلى مثل هذه التكاليف الممتنعة وهل ينسب ظالم منا إلى مثل هذا الظلم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومنها
أنه يلزم منه عدم العلم بنبوة أحد من الأنبياء ع لأن دليل النبوة هو أن الله تعالى فعل المعجزة عقيب الدعوى لأجل التصديق وكل من صدقه الله تعالى فهو صادق فإذا صدر القبيح منه لم يتم الدليل أما الصغرى فجاز أن يخلق المعجزة للإغواء والإضلال وأما الكبرى فلجواز أن يصدق المبطل في دعواه.
مخ ۴۳