الوافد، وهو أوروبي غالبا، يسجل الأسماء كما تلتقطها أذنه من أفواه معاصريه، وربما سمعها بشكل مشوه أو محرف فسجلها على ذلك الشكل أيضا، وجدنا السويدي، بما أوتي من باع طويل في اللغة والبحث، يضبط كل اسم ضبطا محكما دقيقا، فهو حينما يمر بمهيجير يذكر أنها «بضم الميم وفتح الهاء وسكون المثناة التحتية وجيم مكسورة بعدها ياء مثناة تحتية ساكنة وآخر الحروف راء مهملة» وكذا حين يمر بالخانوقة، يقول: إنها «بالخاء المعجمة، فألف، فنون مضمومة، فواو ساكنة، فقاف مفتوحة، آخرها هاء التأنيث» وفي ضبطه لخان شيخون، بأنها «بشين معجمة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فخاء معجمة مضمومة فواو ساكنة فنون آخر الحروف» وهكذا نجده يفعل في المئات من أسماء الأعلام الجغرافية التي مر بها، ولذا فقد جاءت هذه الأسماء بمنجى عن أي تحريف أو تصحيف قد تتعرض له عند النقل أو النسخ.
ولم يكتف السويدي بهذا فحسب، بل عمد إلى تثبيت طريقة التلفظ بالاسم نفسه، كلما دعت الضرورة إلى ذلك، فقال عن نصيبين أنها «على صيغة جمع المذكر السالم لنصيب» وعن العاشق أنه «بوزن اسم الفاعل» وقال عن موضع اسمه صفيّة أنه «كسمية مصغرا» وعن موضع آخر يدعى المعظم أنه «على صيغة اسم المفعول من التعظيم،» وعن المتفلتة أنه «اسم فاعل من تفلت، في آخره هاء التأنيث» وعن زيزى أنها «كضيزى» فضبطت بذلك طريقة تلفظ الاسم فضلا عن ضبطه حروفه.
وفرّق السويدي في هذا المجال بين التسمية الجارية على ألسن معاصريه من العامة، والتسمية الفصيحة التي أوردتها الكتب والمعاجم، فقال عن البلاليق إن «العامة تبدّل القاف كافا» وعن مرحلة تدعى ذات حج: إنها «بكسر الحاء المهملة، كذا سمعتهم ينطقون به» وقال في تعليل تسمية مرحلة الأخيضر: إنه «يحتمل أنه الوادي الذي بين المدينة والشام كما في القاموس ويحتمل أنه الحضير والعامة تصرفت فيه» .
٢- بحثه في أسباب تسمية الأعلام الجغرافية:
بحث السويدي في سبب اكتساب كل موضع مر به تقريبا للتسمية التي عرف بها، وقد
1 / 41