وطريق الجواب عن ذلك أن نقول: ما ذكرناه من الدليل الرابع والخامس يدفع السؤال من أصله، أما الرابع فلأجل أنه مفرع على أن الديار المصرية فتحت عنوة، والبصرة كما قال الماوردي للشيخ أبي حامد حين سأله: هل هي من سواد العراق: أنشئت في موات أحياه المسلمون، وحينئذ فما كان به البيع والكنائس، التي قدر اتصالها بها لا يخلو إما أن يكون فتح صلحا، أو عنوة، فإن كان صلحا، ظهر الفرق بينه وبين ما نحن فيه، لأن ما قدر أنه كان يجاورها حين أنشئت كان يجوز تقريره؛ بناء على أن ما فتح صلحا، يجوز تقرير ما به من الكنائس، فأمكن / احتمال تقريره، ولا كذلك ما 18أنحن فيه، فإن ما به من الكنائس الآن، على تقدير أن يكون موجودا حين الفتح، لا يجوز تقريره على الأصح؛ بناء على أن ما فتح عنوة، وبه كنائس، لا يجوز تقريرها، فإن المسلمين ملكوها بالفتح، وإن كان الموضع المضاف إلى البصرة فتح أيضا عنوة، فلعل ما ذكره الماوردي من التأويل بناه على ما ادعى أنه الصحيح من أن البلاد إذا فتحت عنوة، وبها كنائس، يجوز تقريرها، فإنه إذا كان كذلك، تم له ذلك، وقد رأيت ذلك مصرحا به في تعليق البندنيجي، حيث قال: إذا كان في البلاد التي أنشأها المسلمون كالبصرة والكوفة وبغداد بيعة أو كنيسة، نظر الإمام في ذلك، فإن كان محدثا قلعه وأبطله، وما لم يعرف سببه أقره؛ لجواز أن يكون رسمه قبل / إحداث هذه البلاد، فإن18 ب قيل: فهذه المواضع كلها فتحت عنوة، وملكها المسلمون، فكيف شاع إقرارهم في كنائهم فيما فتحه المسلمون عنوة؟!
قلنا: يجوز ذلك على أحد الوجهين، فإن ما فتحه المسلمون عنوة، وكان فيه بيع عامرة، وكنائس موجودة قائمة، فيها وجهان:
أحدهما: يجوز أن يصالحهم على إقرارها لهم، وعلى هذا تحمل بيع العراق.
مخ ۳۱