الثاني: وهو أولاهما في ظني أن نقول: إنما تتم القاعدة المذكورة إذا كان المانع وجوديا، أما إذا كان عدميا، فالأصل العدم، فلا يمكن أن ينفى، ويقال: الأصل عدم المانع، وما نحن فيه من هذا القبيل، لأن الحدوث كيف قدر، قبل الفتح، أو بعده، طارئ على العدم، والأصل عدم التقدم إلى الزمان الذي وقع الاتفاق على الحدوث / فيه، فإذا امتنع جواز عقد الذمة لهم على هذه15ب البيع والكنائس لأجل ذلك، وهي في ديارنا لم تقرر، لأن بقاءها كان لأجل حقهم، ولا حق لهم فيها على هذا التقرير، وخالف هذا ما إذا وجد عقد معهم، وشككنا بعده في تقدم الحدوث على الفتح أو تأخره، فإنها لا تنقض لأجل أن الأصل دوام العقد واستمراره، فلا يزال بالشك، وهذا على رأي لبعض الأصحاب، بناء على ما إذا اختلف المتبايعان في شرط يفسد العقد بعد وجوده، أن القول قول من يدعي الصحة، وهو أحد القولين في المسألة، والقول الآخر أن القول قول من يدعي الفساد، وعلى هذا لا يختلف الحال فيما نحن فيه بين ما قبل العقد وبعده، ومما يتأيد به الأول، أن التي انقضت عدتها في الظاهر إذا وجدت ريبة بالحمل قبل التزويج، هل يجب / لها النكاح أم لا؟ فيه قولان16أ، ولو حصلت الريبة في ابتداء العدة لم يحل النكاح قولا واحدا، وكذا يؤيده قول الغزالي في كتاب النكاح: إن من بلغ رشيدا، ثم سفه (¬1) في الدين فقط، لا يعود الحجر عليه بنفسه اتفاقا، ولو سفه بعده في المال فقط، ففي عوده بنفسه خلاف، ولو قارب واحد منهما البلوغ، لم يرتفع الحجر، ودام، وفرق بأنه في هذه الحالة ثبت الحجر بيقين، فلا يرتفع بالشك في الرشد، فإن اتصال الفسق بالبلوغ يوجب الشك فيه، وإذا ارتفع بيقين، لم يعد أيضا بالشك، بسبب الفسق، والله أعلم.
مخ ۲۷