نفحة الریحانه ورشحه طلاء الحانه
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
تقضَّتْ كلمحِ العينِ أو زور طارقٍ ... أتى مسرِعًا أو بارِقٍ في الدُّجى خفا
وأبدِلتُ منها فرقةً وتشتتًا ... وبعدًا وهجرًا دائمًا وتأسُّفا
فيا ربِّي أنعِم باللقاءِ لمدنفٍ ... وإلا فكنْ بالحتفِ يا ربِّ مسعِفا
وله:
حباني الوجدَ والحُرقا ... وأودعَ مقلتي الأرقَا
وروَّع بالجفا قلبًا ... بغيرِ هواهُ ما علقَا
رنا بصوارمٍ خذمٍ ... تسمَّت بيننا حدقا
حمى أوردَ وجنتِه ... بأسودِ خاله ووقى
ولاحَ بواضحٍ أضحى ... لهُ شمس الضُّحى شفقَا
له خصرٌ بألحاظِ ال ... ورى ما زال منتطِقا
تعارض المتنبي في هذا المعنى مع السري الرفَّاء. فبيت المتنبي قوله:
وخصرٍ تثبتُ الأحداقُ فيهِ ... كأنَّ عليه من حَدَقٍ نِطاقَا
وبيت السري قوله:
أحاطتْ عيونُ العاشقينَ بخصرِه ... فهنَّ له دون النِّطاقِ نِطاقَا
وكثيرٌ يظنون أن المتنبي هو المخترع لهذا المعنى، ولا يدرون أنه لعلي بن يحيى، من أبيات تغنَّى بها:
وجهٌ كأنَّ البدرَ ليلةَ تِمِّهِ ... منه استعارَ النورَ والإشراقا
وأرى عليه حديقةً أضحى لها ... حدقي وأحداقُ الأنامِ نِطاقَا
ونقل الشهاب الخفاجي إلى العذار، مضمِّنًا مصراع أبي الطيب، وأجاد:
عِذارٌ خَطَّ في الوجناتِ خطًّا ... حوى كلَّ الأنامِ به وفاقَا
ترى الأبصارَ شاخصةً إليه ... وماءَ الحسنِ في خدَّيهِ راقَا
تصوَّرتْ العيونُ به فأمسى ... كأنَّ عليه من حدقٍ نِطاقا
تتمة القصيدة:
فياللهِ من بدرٍ ... غدا قلبي لهُ أُفقا
ألا يا حبَّذا زمنٌ ... حظيتُ به ونِلتُ لِقا
زمانٌ لم أجِد فيه ... لشملِ الوصلِ مفتَرَقا
أهيمُ بسالفٍ حَلَكٍ ... وأهوى واضِحا يققَا
تولَّى مسرعا عنقًا ... ومرَّ كطارِقٍ طرقَا
وطبعُ الدَّهرِ لا يبقى ... على حالٍ وإن رفقَا
فكن خلوًا به فردًا ... وسرْ في الأرضِ منطلِقا
وكن جلدًا إذا ما الدَّه ... رُ أبدى مشربًا رنْقا
وله من قصيدة، أولها:
يا ليتَها إذ لم تجُد بوِصالِ ... سمحتْ بوعدٍ أو بطيفِ خيالِ
جنحتْ لما رقشَ الوُشاةُ ونمَّقوا ... من أنَّني سالٍ ولستُ بسالِ
ومدامِعي لولا زفيري ولم يكدْ ... ينجو الورى من سحِّها المتوالي
ونحولُ جسمٍ واحتمالُ مكارهٍ ... وسهادُ جفني وادِّكارُ ليالي
فإلى مَ أظمأُ في الورى ومواردِي ... فيه سربٌ أو لموعُ الآلِ
ولِم اختياري عن فؤادِي كلَّ من ... ألقى وقلبي عند ذاتِ الخالِ
أخذه، ولم يحسن الأخذ من قول الباخرزي:
قالت وقد فتَّشتُ عنها كلَّ من ... لاقيتهُ من حاضرٍ أو بادي
أنا في فؤادِك فارمِ طرفَكَ نحوهُ ... ترَني فقلتُ لها وأين فؤادِي
هيفاءُ رنَّحها الدَّلالُ فأخجلتْ ... هِيفَ الغصونِ بقدِّها الميَّالِ
في خدِّها الوردُ الجنِيُّ وثغرُها ... يحوِي لذيذَ الشُّهدِ والجِريالِ
حجبتْ محيَّاها الجميلَ ببُرْقُعٍ ... كرقيقِ غَيمٍ فوقَ بدرِ كمالِ
ونضتْ من الأجفانِ بيضَ صوارمٍ ... فغزَتْ بهنَّ ولم تنادِ نزالِ
وتنزَّه يومًا في روضٍ افترَّت بواسمه، وتعطَّرتْ نواسمه. وتفتَّحت أزهاره، ونطق بلبله وهزاره.
فقال يصفه:
ومكانِ أُنسٍ قد حوى من لُطفِه ... مِن كلِّ وصفٍ رائقٍ مُستحسنِ
فالرِّيحُ تعبثُ في الغصونِ تمايسًا ... والطَّير تشدو باختلاف الألسنِ
فكأنَّه الفردوسُ أحرَز صفوَه ... أملُ النُّفوسِ ومُستلذُّ الأعينِ
وله في الغزل:
1 / 53