وبتعبير آخر : إنهم لم يكونوا بصدد غرس «بذور عبادة الله» في قلوب الناس ، بل كانوا في صدد سقاية الغرسة الجديدة الموجودة واستئصال الأشواك والأدغال الزائدة المضرة التي قد تقتل أو تذبل هذه النبتات بصورة تامة في بعض الأحيان.
وردت جملة : ( ألا تعبدوا إلا الله ) أو ( ألا تعبدوا إلا إياه ) في كلام الكثير من الأنبياء في القرآن الكريم ، وهي عبارات تفيد نفي الأصنام وليس اثبات وجود الله.
كماجاء في دعوة رسول الإسلام صلى الله عليه وآلهوسلم : ( ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ). (هود / 2)
ودعوة نوح عليه السلام : ( أن لاتعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ). (هود / 26)
ودعوة يوسف عليه السلام : ( ... ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون ). (يوسف / 40)
ودعوة النبي هود عليه السلام : ( .. ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ). (الاحقاف / 21)
وفضلا عن هذا فإننا نمتلك في أعماق نفوسنا أحاسيس فطرية أصيلة أخرى ، منها ما نراه في نفوسنا في الرغبة الشديدة للعلم والمعرفة والاطلاع.
فهل من الممكن أن نشاهد هذا النظام العجيب في هذا العالم المترامي ، ولا تكون لنا رغبة في معرفة مصدر هذا النظام؟
أليس من الغرابة أن يقضي أحد العلماء مدة عشرين سنة من أجل التعرف على حياة النمل ، ويثابر عالم آخر عشرات السنين لمعرفة عادات أوضاع بعض الطيور أو الأشجار أو أسماك البحار بدون أن يكون لديه دافع لحب العلم؟ هل يمكن أنهم لا يريدون معرفة مصدر هذا البحر اللامتناهي الذي يشمل الأشياء من الأزل إلى الأبد؟!
نعم ، هذه دوافع تدعونا إلى «معرفة الله» ، العقل يدعونا إلى هذا الطريق ، العواطف تجذبنا نحو هذا الاتجاه ، والفطرة تدفعنا إلى هذه الجهة.
كانت هذه خلاصة للمحفزات والدوافع الواقعية والحقيقية لظهور الدين ومعرفة الله.
مخ ۲۸