238

قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأغلق عليهم أبواب المعرفة فأصبحوا من الغافلين.

إن حب الدنيا سواء كان في مجال حب المال والثروة أو في حقل حب الجاه والمقام ، أو في مجال حب الشهوات المختلفة ، فإن هذا الحب كالريح العاصف يهب في باطن الإنسان فيفقده توازن عقله بالكامل.

نعلم أن الميزان الدقيق يجعل في محفظة تحول دون تأثير النسيم عليه ، وحتى الوزان ينبغي له حبس أنفاسه حتى الانتهاء من الوزن ، وذلك للحيلولة دون تأثير امواج الهواء الخارجة من رئتيه على تعادل الميزان ، فما فائدة ميزان كهذا عند هبوب ريح عاصف؟

إن حب الدنيا سواء كان بشكلها القاروني أو الفرعوني أو السامري أو غير ذلك ، لا يعطي الإنسان الحرية في أن يحكم على الامور بشكل صحيح أو يفكر تفكيرا سليما ، وإذا صرح الله تعالى في الآية السابقة بأنه طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، فالطبع هذا يمثل حب الدنيا ، وبما أنهم يتجهون نحو السبب فيبتلون بالمسبب.

ويشاهد في الأحاديث الإسلامية تعابير جميلة في هذا المجال ، يقول الإمام الباقر عليه السلام : «مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز كلما ازدادت من القز على نفسها كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما» (1).

كما نقل حديث آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه : «الدنيا تغر وتضر وتمر» (2).

ويقول الإمام نفسه في رسالة كتبها لأحد أصحابه ينصحه فيها ويقول : «فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يمر ، ويصم ويبكم ويذل الرقاب فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا أو بعد غد فانما هلك من كان قبلك باقامتهم على الأماني والتسويف» (3).

* *

مخ ۲۵۳