تحقق منامه بعد أربعين سنة حيث جلس على عرش الحكومة في مصر ، وجاءه اخوته مع أبويه خاضعين له ، أو ساجدين لله شكرا ، كما أشير إلى ذلك في نهاية السورة :
( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا ). (يوسف / 100)
إن هذا الحديث يحكي بوضوح عن إمكانية تحقق أحلام صادقة انعكست من قلب طاهر قبل أربعين سنة رغم أنه لم يذكر العدد 40 سنة في آيات القرآن ، إلاأن المستفاد من قرائن الآيات أن الفاصل بين المنام وتحققه كان طويلا جدا.
وجدير بالذكر هنا أن من ضمن البشائر التي بشر يعقوب بها يوسف هذه البشرى : ( ويعلمك من تأويل الأحاديث ). (يوسف / 6)
وهذه الجملة (سواء عنت علم تعبير المنام كما يعتقده كثير من المفسرين أو عنت مفهوما أوسع من ذلك ليشمل الخبرة والإحاطة باصول وأسباب الحوادث ونتائجها) (1)، فانها على كل حال دليل واضح على امكانية صدق بعض الرؤى وتحققها عينا وواقعا في الخارج.
5 و6 المنامان اللذان رآهما صاحبا يوسف في السجن عندما كان مسجونا بذنب طهارته ، فيحكي الله قصتهما في نفس السورة ويقول :
( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أرانى أعصر خمرا وقال الآخر انى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ). (يوسف / 36)
فدعاهما يوسف للتوحيد وعبادة الله قبل أن يأول ما رأيا ، ثم قال للذي رأى أنه يعصر خمرا أي عنبا : إنك تخرج من السجن ، وقال للذي رأى فوق رأسه خبزا يأكل منه الطير : إنك ستحكم بالإعدام وقد تحقق المنامان (من المتعارف في بيئة فاسدة وحكومة جبارة مثل بيئة وحكومة مصر آنذاك حيث يحكم على يوسف بالسجن بذنب العفة والطهارة ، أن يطلق سراح الذي يسالم الحكومة ويحضر الخمر لطغاتها ، أما الذين يتحلون بروح الدفاع
مخ ۲۱۷