المنصور، المجاهد، بدر الدنيا والدين، غياث الإسلام والمسلمين، ذي العدل السائر، والفضل الباهي الباهر، والبر الموصوف، والبر المعروف، الملك العقيم، والخير العميم، أبي الفضائل الملك الرحيم، جمع الله تعالى له من الفضائل ما فرق في الأواخر والأوائل. فمناقبه للمناقب غرر، وأوصافه للأوصاف الشائعة الرائعة درر، وما أخذ به نفسه النفيسة من إنشاء المشاهد، والمساجد، والمدارس، والمعابد إنشاء أوليا ومعادا روحانيا، ومواصلة المشاهد المعظمة المكرمة المبجلة المباركة المتقبلة، فهو السلطان الذي عقمت النساء أن يلدن مثله، وعجز الفضلاء أن يحصوا فضله.
البحر دون نواله
وكذى الغيوث الهاطلة
وله الفتوة والمروءة
والمعالي الفاضلة
جعل الله دولته منصورة الأعلام على الدوام، مجددة على تعاقب الليالي والأيام، وبلغه في ذريته وذويه غاية المحاب والمرام بمحمد وآله الطيبين الطاهرين الكرام، فأحببت أن أخدم خزانته الشريفة بمختصر لطيف الحجم، كثير العلم، عميم النفع، عظيم الوقع، وضمنته نخبة أذكار، ونبذ أفكار، وغوامض أسرار، استمددتها من علماء الأمصار، فكأن العبد قام عن مواليه بشكر ما أسداه، بصحة الفضل الذي توخاه وتولاه، وما أحراه بذلك وما أولاه.
إن ظن أن يحكي نداه الحيا
جهلا فلا واخذه الله
لأن شكر المنعم واجب الوقوع، والإقرار بحقوق النعم فرض مشروع، فجمعت المجاميع، واطلعت على القول البليغ البديع، ثم لخصت من لبابها، وأتيت بالعنوان من كتابها، من كتب ثقة مصنفها، مشهور بالصحة مؤلفها، فاتبعت قول من فضائله لا يحصرها عد، كل شيء ليس عليه أمرنا فهو رد، وكان المحرك لعزمي الساكن، أياد به البادية بتلك الأماكن، وسلكت فيه مسلك الاختصار الخالص من الإسهاب والإكثار، ليسهل رصعها في صحائف الخواطر، ويتيسر إيرادها على لسان الذاكر والحاضر، لأنه لا يعلم مطالعه إلا مطالعه، ولا يرى مصابيحه إلا مصاحبه، وقد سميته: (بالنعيم المقيم لعترة النبأ العظيم)، وبخزانة السلطان الملك الرحيم.
مخ ۱۶