142

نبي موسی او د تل العمارنه وروستي ورځې (لومړی برخه): جغرافیایی تاریخي موسوعه

النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية

ژانرونه

وهذا التخريج الذي نسوقه يلتقي بشدة مع خرائط جغرافيي ومؤرخي العصر الكلاسيكي، وخاصة مع أخبار هيرودت وخريطة بطلميوس واسترابون وتفسير بول لخريطة استرابون، الذي يأخذ من الفرع البوبسطي/التانيسي «فرعين»، يتجه أحدهما نحو الشمال الشرقي حتى يصب عند بيلوز/الفرما، ويتجه الآخر نحو البحيرات المرة والتمساح البحر الأحمر.

وهيرودت من جانبه يخرج الفرعين جنوبي تل بسطة/الزقازيق بقليل، ويضع المدينة الثانية من مدن الاضطهاد (فيثوم/بي توم/باتوموس)، عند نقطة مقوسة في انحناءة قناة سيزوستريس من الشرق نحو الجنوب.

وذلك يفسر لنا أيضا التضارب بين هيرودت وبليني، حول طول قناة كان مظنونا أنها واحدة، فقال هيرودت إنها كانت تسعين ميلا، وقال بليني إن طولها كان ستين ميلا، «بينما كان بليني يتحدث عن طول القناة العذبة من الزقازيق إلى المسخوطة، وهيرودت يتحدث عنها بشكل طولي من الفرما إلى السويس، كما هو حال قناة السويس اليوم».

لقد حفر الفرعون أخيتوي ثم آمنحتب الثالث قناته البحرية، وهو يعلم ماذا يفعل بالضبط، لقد كان يعرف جيدا عن انخفاض حوض القلزم، وبعض من سطح وادي طميلات عن سطح البحر، ومع ذلك أمر بإزاحة أكوام الرمال العظيمة من أمام خليج السويس، لينحدر الماء في الحوض المنخفض، حاملا معه الماء المالح دافعا البحر خارج حدوده، ليظل في طريقه حتى يتوقف عن الصعود عند نقطة، يلتقي فيها بالفرع العذب القادم من النيل، ليبني الفرعون في نقطة اللقاء مدينته العبقرية وزهرة مدائن العالم القديم، التي أصبحت بهذا الشكل مركزا وسطيا رئيسيا، بين فرعين يشكلان سورا حاميا لمصر، ثم إنها بذلك أصبحت ميناء فريدا من نوعه في تاريخ الدنيا، فهي بذلك ميناء للبحرين الأبيض والأحمر في عمق الأراضي المصرية داخل اليابس، وليست ميناء على بحر، هي الميناء الوحيد عبر التاريخ كله داخل عمق اليابس، تصلها السفن القادمة ببضائع الهند وأفريقيا من البحر الأحمر عبر القناة المالحة، وتصلها السفن القادمة من بلاد الشام وتركيا وجزر المتوسط عبر الفرع قناة الجفار، ويشرف الفرعون منها على ممتلكاته في آسيا من أقرب نقطة ممكنة، لتتحول المنطقة إلى منطقة جذب تجاري عظيم وعالمي. وهكذا فقط يكون المستحيل قد أصبح ممكنا! لميناء داخل اليابسة ويستقبل سفن عالم الشمال وعالم الجنوب.

وفي الوقت نفسه تقع المدينة العبقرية عند منطلق الخطوط الرئيسية للمواصلات مع آسيا، فعندها يبدأ الخط المتجه شمالا فشرقا المحاذي للبحر المتوسط، المعروف بطريق حورس الحربي الكبير، ثم طريق متلا وطريق الجدي اللذان يخترقان وسط سيناء نحو الشرق ونحو الجنوب، بينما المنطلق للجميع من عند نقطة انطلاق واحدة لا يوجد غيرها، عند المدينة الميناء، وتصدق قصيدة مدح رعمسيس الكبرى ثم الصغرى، وهي تصف المدينة بأنها تقع على بداية «الطريق الوحيد نحو آسيا، وأنها بمفردها كمدينة حد فاصل بين الأراضي المصرية والأراضي الفلسطينية».

ثم إن الفرعون المصري قد ضمن بذلك سيطرته التامة أيضا على بلاده من الداخل لمنع أي عمليات هروب، فمدينته العبقرية تقع على المجرى النهري الرئيسي، لقد كان الموقع فريدا يليق بمن هندسه.

وحسب هذا التصور، فإن ذلك التخطيط الاستراتيجي العسكري الإداري الفني الفذ، قد حجز مصر تماما عن سيناء بقناة سيزوستريس المتصلة بالخليج العربي (السويس)، بالبحر الأحمر جنوبا وقناة الجفار والفرع البيلوزي المتصلة بالبحر الأبيض المتوسط شمالا، ولم يترك مكانا مفتوحا للقادم من سيناء إلى مصر، سوى تلك المساحة الصغيرة، ولا بد في هذه الحال للداخل إلى مصر من المرور على قلاعها الواقفة بين القناتين عند مدينة رعمسيس، كي يتمكن من دخول مصر، وأصبح الماء حائلا دون الدخول أو الهروب، إلا عبر تلك المساحة الضيقة الواقعة تحت رقابة الجيش الكاملة، والأكثر يسرا في مدينة المدائن وميناء الموانئ اللغز المعجز «رعمسيس».

وأصبحت مساحة وادي طميلات المحصورة بين بحيرة التمساح والبحيرة المرة شرقا، وحتى نقطة التقاء الماءين عند رعمسيس غربا، مساحة خاصة جدا كادت تكون سينائية تماما وخارج مصر؛ لذلك يصبح مفهوما لماذا أسماها اليونان المقاطعة العربية والفلسطينية لاتصالها المباشر ببوادي سيناء السامية.

وتحكي لنا التوراة حكاية خروج بني إسرائيل من مصر تحت قيادة «موسى»، وتفصل أسماء المواضع بتفصيل يقول:

فارتحل بنو إسرائيل من «رعمسيس» إلى «سكوت» نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد، وصعد معهم لفيف كثير أيضا مع غنم وبقر «ومواش وافرة جدا». وكان لما أطلق فرعون الشعب «أن الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة» لأن الله قال: لئلا يندم الشعب إذا رأوا حربا ويرجعوا إلى مصر، «فأدار الله الشعب في طريق برية بحر سوف»، وارتحلوا من «سكوت» ونزلوا في إيثام في طرف البرية. وكلم الرب موسى قائلا: كلم بني إسرائيل أن «يرجعوا»، وينزلوا أمام «فم الحيروث بين مجدل والبحر أمام بعل صفون»، مقابلة تنزلون عند البحر ... فلما أخبر ملك مصر أن الشعب قد هرب، تغير قلب فرعون وعبيده على الشعب، فقالوا ماذا فعلنا حتى أطلقنا إسرائيل من خدمتنا، فشد مركبته وأخذ قومه معه، وأخذ ستمائة مركبة منتخبة وسائر مركبات مصر، وجنودا مركبية على جميعها، وشدد الرب قلب فرعون ملك مصر، حتى سعى وراء بني إسرائيل، وأدركوهم جميع خيل مركبات فرعون وفرسانه وجيشه، وهم «نازلون عند البحر عند فم الحيروث أمام بعل صفون». ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء، فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة، والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم، وتبعهم المصريون، فمد موسى يده على البحر، فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة، والمصريون هاربون إلى لقائه، فدفع الرب المصريين في وسط البحر. ثم ارتحل موسى بإسرائيل من «بحر سوف، وخرجوا إلى برية شور». (خروج، 12: 37، 38؛ 13: 17، 18، 20؛ 14: 1، 5، 6، 7، 8، 9، 21، 22، 23، 27؛ 15: 22)

ناپیژندل شوی مخ