موشح
الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء
أرى الليل يجلوه النهار ولا أرى ... عظام المخازى عن عطية تنجلى «٣٨»
وكقوله «٣٩»:
فإنك إذ تهجو تميما وترتشى ... تبابين قيس أو سحوق العمائم
كمهريق ماء بالفلاة وغرّه ... سراب أجالته «٤٠» رياح السمائم
حدثنى أبو بكر الجرجانى، قال: حدثنى أبو الغوث يحيى بن البحترى، قال: كان أبى يقول: لا أرى أن أكلم من يفضّل جريرا على الفرزدق، ولا أعدّه من العلماء بالشعر.
فقيل له: وكيف وكلامك أشدّ انتسابا إلى كلام جرير منه إلى كلام الفرزدق؟ فقال:
كذا يقول من لا يعرف الشعر، لعمرى إن طبعى بطبع جرير أشبه، ولكن من أين لجرير معانى الفرزدق، وحسن اختراعه؟ جرير يجيد النسيب، ولا يتجاوز هجاء الفرزدق بأربعة أشياء: بالقين، وقتل الزّبير، وبأخته جعثن، وامرأته النوار؛ والفرزدق يهجوه فى كل قصيدة بأنواع هجاء يخترعها ويبدع فيها.
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد التّوزى، قال: قيل لكردين «٤١» المسمعى- وكان يقدّم الفرزدق والأخطل على جرير- لم لم يهاج هذان الشعراء كما هاجاهم جرير؟ قال: بلى والله، ولكنهم كانوا لا يطمعون فى بيت الفرزدق فيجلّونه ويطمعون فى كليب. ثم عدّ جماعة هاجاهم الفرزدق أولهم الأشهب بن رميلة «٤٢»، وآخرهم أصمّ باهلة؛ وذكر جماعة هاجاهم الأخطل.
أخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن الحسن الغياثى، قال: حدثنى عيسى بن إسماعيل، قال: سمعت الأصمعىّ يقول: قرأت على خلف شعر جرير، فلما بلغت قوله «٤٣» [٥٨]:
1 / 165