فهذه جملة شرائع المروة، لا يقدر على القيام بأدنى المفترض فيها إلا ذوو العقول الفاضلة، والآداب الكاملة.
واعلم أن من المروة أيضًا عشر خصال: لا مروة لمن لم يكن فيه الحلم، والحياء، وصدق اللهجة، وترك الغيبة، وحسن الخلق، والعفو عند المقدرة، وبذل المعروف، وإنجاز الوعد. وفي تبيينهن أخبار تحث على استعمالهن، وآثار تدعو إلى المثابرة عليهن، وأنا ذاكر بعض ذلك، إن شاء الله، وبه القوة.
ما جاء من فضل الصدق لذوي الآدابوما كُرِه من الكذب لذوي الألباب
روي عن النبي، ﷺ، أنه قال: لا يصلح الكذب في جد، ولا هزل.
وقال أبو بكر الصديق، ﵁: إذا كذب العبد تباعد الملك منه ميلًا لنتن ما جاء منه. وقال: لسان الصدق خير للمرء من المال يأكله ويورثه.
وقال المهلب بن أبي صفرة: ما السيف الصارم في يد الرجل الشجاع بأعز له من الصدق. وكان يقال: الصدق قوة، والكذب عجز. أنشدني بعض الأدباء:
لا يكذب المرء إلا من مهانته، ... أو عادة السوء أو من قلة الأدب
لجيفة الكلب عندي خير رائحة ... من كذبة المرء في جد وفي لعب
وكان يقال: لا رأي لكذوب ولا مروة لكذاب. ويقال: لا تستعن بكذاب، فإنه يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب. وأنشدني آخر:
وكن صادقًا في كل شيء تقوله، ... ولا تك كذابًا، فتدعى منافقا
1 / 41
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
البيان عن حدود الأدب
ما يجب على الأدباء من الفحص والطلب
النهي عن ممازحة الأخلاء
والنهي عن مفاكهة الأوداء
الأمر باختيار الإخوان
وانتخاب الأقران والأخدان
الحث على صحبة الإخوان
والإغراء على مودة الخلان والرغبة في أهل الصلاح والإيمان