فإني، إذا ما خُلَّةٌ رثَّ حبلها، ... وجدْتُ لصُرمي، واستمرّ عِذارهُا
وحالت كحول القوس طُلّتْ وعُطّلت ... ثلاثًا، فأعيا ردُّها وظُهارها
فإني قَمينٌ أن أودّعَ عهدها ... بحمدٍ، ولم يُرفع إلينا شَنارها
وأحسن محمد بن عبد الله بن طاهر حيث يقول:
ألم ترَ أن المرء تَدوي يمينه ... فيقطعها عمدًا، ليسلم سائرُهْ
وكيف تُراه، بعد يُمناه، صانعًا ... بمن ليس منه حين تَدوى سرائرهْ
فهكذا لعَمري ينبغي أن يفعل الأدباء، وبمثل هذا فليتّعِظ الظُّرفاء. وقد يجب على العاقل المتأدّب، وذي الحِنكة والتجارب، أن يجعل المرأة بمنزلة الريحانة، يتنعّم بنَضرتها، ويتمتّع بزهرتها، حتى إذا جاء أوان جَفافها، وحالت عن حالها في وقت قَطافها، نبذها من يده وألقاها، وباعدها من مجلسه وقَلاها، إذا لم يبق فيها بقيةٌ لمستمتع، ولا لذّةٌ لمتمتِّعٍ؛ ولله دَرُّ الذي يقول:
تمتّع بها ما ساعفَتْكَ، ولا تكُن ... عليك شجًا في الحلق، حين تَبينُ
وإن هي أعطتْكَ اللِّيانَ، فإنها ... لآخرَ من خُلاّنها ستلين
وإن أقسمتْ لا ينقض النأيُ عهدها ... فليس لمخضوب البَنان يمينُ
ومثل ذلك قول النَّمِر بن تَولَب:
وكلّ خليلٍ علتْهُ الرِّعا ... ثُ والحُبُلاتُ كذوبٌ مَلِقْ