موافقات
الموافقات
پوهندوی
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
وَأَقْوَالُ السَّلَفِ الْأَخْيَارِ؛ فَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا، وَمَا ذُكر آنِفًا شَارِحٌ لِمَا ذُكر فِي فَضْلِ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا الْإِيمَانُ؛ فَإِنَّهُ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ، وَهُوَ نَاشِئٌ عَنِ الْعِلْمِ، وَالْأَعْمَالُ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا وَسِيلَةً إِلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ صَحَّ أَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً فِي أَنْفُسِهَا، أَمَّا الْعِلْمُ؛ فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ، وَأَعْلَى ذَلِكَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ، وَلَا تَصِحُّ بِهِ فَضِيلَةٌ لِصَاحِبِهِ حَتَّى يصدِّق بِمُقْتَضَاهُ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُتَنَاقِضٌ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعِلْمُ بِاللَّهِ مَعَ التَّكْذِيبِ بِهِ.
قِيلَ: بَلْ١ قَدْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ مَعَ التَّكْذِيبِ٢؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي قَوْمٍ: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النَّمْلِ: ١٤] .
وَقَالَ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٤٦] .
وَقَالَ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٢٠] .
فَأَثْبَتَ لَهُمُ الْمَعْرِفَةَ بِالنَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ بيَّن أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَذَلِكَ مِمَّا يُوَضِّحُ أَنَّ الْإِيمَانَ غَيْرُ الْعِلْمِ؛ كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ مُغايرٌ لِلْكُفْرِ.
نَعَمْ، قَدْ يَكُونُ الْعِلْمُ فَضِيلَةً، وَإِنْ لَمْ يَقَعِ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ، كَالْعِلْمِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَالْعَوَارِضِ الطَّارِئَةِ فِي التَّكْلِيفِ، إذا فُرض أنها لم تقع في
١ في "خ": "بلى". ٢ يرى بعض أهل العلم أن المعتبر في الإيمان هو التصديق اللغوي، وهو بعينه التصديق المنطقي؛ كما قال السيد في حواشي شرح "التلخيص": إن المنطقي إنما يبين ما هو في العرف واللغة، وذهب فريق إلى أن التصديق اللغوي -وهو الشرعي- أخص من التصديق المنطقي؛ إذ يزيد عليه بقيد الاختيار والتسليم، وهذا ما جرى عليه المصنف في هذه المقدمة. "خ".
1 / 84