موافقات
الموافقات
پوهندوی
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
فَعِلْمُ التَّفْسِيرِ مِنْ جُملة الْعُلُومِ الْمَطْلُوبَةِ، وَقَدْ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ عَمَلٌ، وَتَأَمَّلْ حِكَايَةَ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ١: أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ مَرَّ بِيَهُودِيٍّ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُسْلِمٌ يَقْرَأُ عَلَيْهِ عِلْمَ هَيْئَةِ الْعَالَمِ، فَسَأَلَ الْيَهُودِيَّ عَمَّا يَقْرَأُ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ لَهُ: أَنَا أُفَسِّرُ لَهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَسَأَلَهُ مَا هِيَ؟ وَهُوَ مُتَعَجِّبٌ، فَقَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق: ٦] . قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَأَنَا أُبيِّن لَهُ كَيْفِيَّةَ بِنَائِهَا وَتَزْيِينِهَا. فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ الْعَالِمُ مِنْهُ. هَذَا مَعْنَى الْحِكَايَةِ لَا لَفْظُهَا.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٨٥] يَشْمَلُ كُلَّ عِلْمٍ ظَهَرَ فِي الْوُجُودِ، مِنْ مَعْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ، مُكْتسب أَوْ مَوْهُوبٍ، وَأَشْبَاهَهَا مِنَ الْآيَاتِ، وَيَزْعُمُ الْفَلَاسِفَةُ أَنَّ حَقِيقَةَ الْفَلْسَفَةِ إِنَّمَا هُوَ النَّظَرُ فِي الْمَوْجُودَاتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، مِنْ حَيْثُ تَدُلُّ عَلَى صَانِعِهَا، وَمَعْلُومٌ طَلَبُ النَّظَرِ فِي الدَّلَائِلِ وَالْمَخْلُوقَاتِ؛ فَهَذِهِ وُجُوهٌ تَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الِاسْتِحْسَانِ فِي كُلِّ عِلْمٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ.
فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: إِنَّ عُمُومَ الطَّلَبِ مَخْصُوصٌ، وَإِطْلَاقَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَالَّذِي يوضحه أمران:
أحدهما: بأن السَّلَفَ الصَّالِحَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ لَمْ يَخُوضُوا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَ تَحْتَهَا عَمَلٌ، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ الْمَطْلُوبِ، بَلْ قَدْ عَدَّ عُمَرُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عَبَسَ: ٣١] مِنَ التَّكَلُّفِ الَّذِي نُهي
١ لم يذكرها في "تفسيره" عند الآية المذكورة "٢٨/ ١٣٣".
1 / 55