بَابٌ ذِكْرُ طَرَفٍ مِنْ خُطَبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ الْخُطْبَةُ الأُولَى يَوْمَ الْفَتْحِ
٣١٢- لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ خَطَبَ النَّاسَ، فَرَوَتْ صفية بنت شيبة أن النبي ﷺ لما نَزَلَ وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ، خَرَجَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ، فَطَافَ بِهِ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الركن بمحجن فِي يَدِهِ، وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِهَا، وَقَدِ اسْتَكَفَّ لَهُ النَّاسُ، فَقَامَ قَائِمًا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:
«لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلا كُلُّ مَأْثَرَةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ دَمٍ يُدَّعَى، فَهُو تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلا سِدَانَةَ الْبَيْتِ، وسقاية الحاج، أو قتل خطأ العمد بالسوط والعصا، ففيه الدية مغلظة فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا.
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنَّ الله تعالى قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظُّمَهَا بِالآبَاءِ، النَّاسُ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ مِنْ آدَمَ، وَآدَمُ من تراب» . ثم تلا هذه الآية: ﴿يا أيها