قَالَ: وَأخْبرنَا أَبُو حَازِم قَالَ، سَمِعت الْحسن بن أَحْمد بن شَيبَان يَقُول، سَمِعت أَبَا حَامِد يَقُول: رَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي جَنَازَة أبي عُثْمَان والذهلي يسْأَله عَن الْأَسْمَاء والكنى والعلل، وَهُوَ يمرّ كَأَنَّهُ السهْم. فَمَا أَتَى على ذَلِك شهر حَتَّى تكلم فِيهِ وَقَالَ: من اخْتلف إِلَيْهِ، لَا يخْتَلف إِلَيْنَا، وتعلل بِأَن أهل بَغْدَاد كاتبوه بِأَنَّهُ تكلم فِي اللَّفْظ. وَكَانَ الذهلي يَقُول: من قَالَ: " لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق " فَهُوَ مُبْتَدع يزْجر ويهجر، وَمن قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر يقتل وَلَا ينظر.
وَالَّذِي صَحَّ عَن البُخَارِيّ ﵀ أَنه سُئِلَ عَن اللَّفْظ، وضايقه السَّائِل فَقَالَ: أَفعَال الْعباد كلهَا مخلوقة. وَكَانَ يَقُول مَعَ ذَلِك: الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق.
وَذكر أَن مُسلم بن الْحجَّاج ﵀ ثَبت مَعَه فِي المحنة، وَقَالَ يَوْمًا الذهلي - وَمُسلم فِي مَجْلِسه -: من كَانَ يخْتَلف إِلَى هَذَا الرجل، فَلَا يخْتَلف إِلَيْنَا، فَعلم مُسلم أَنه المُرَاد، فَأخذ طيلسانه وَقَامَ على رُؤُوس الأشهاد، فَبعث إِلَى الذهلي بِجَمِيعِ الْأَجْزَاء الَّتِي كَانَ أَخذهَا عَنهُ.
وَمن تَمام رسوخ البُخَارِيّ فِي الْوَرع أَنه كَانَ يحلف بعد هَذِه المحنة، أَن الحامد والذام عِنْده من النَّاس سَوَاء، يُرِيد أَنه لَا يكره ذامه طبعا. وَيجوز أَن يكرههُ شرعا، فَيقوم بِالْحَقِّ لَا بالحظ، ويحقق ذَلِك من حَاله أَنه لم يمح اسْم الذهلي من جَامعه، بل أثبت رِوَايَته عَنهُ، غير أَنه لم يُوجد فِي كِتَابه إِلَّا على أحد وَجْهَيْن:
1 / 46