282

والجواب عن ذلك : أن إفراده ذكر الأمر عن ذكر الخلق لا يدل على أنه غير داخل فى الخلق ، وإنما يدل على أنه غير مراد بما تقدم ذكره ، بحق العطف الذى يقتضى أن المعطوف غير المعطوف عليه ، فلا يصح تعلقهم بالظاهر. وقد ذكر تعالى لذلك نظائر ، فقال : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) (1) وإن كان الإحسان داخلا فى العدل ، وكذلك الفحشاء تدخل فى المنكر ، وإن ميز بين ذكرهما. وقال تعالى : ( وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ) (2) والنذير هو البشير. وقال تعالى : ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) (3) وهما من جملة الملائكة. وكل ذلك يشهد لما ذكرنا بالصحة.

وبعد ، فإن الخلق فى اللغة غير المخلوق ، وإن كان فى التعارف يوضع أحدهما موضع الآخر ، ولذلك جاز فى اللغة أن يقال : هو خالق وليس بفاعل (4) لما قدر.

قال الشاعر :

ولأنت تفرى ما خلقت وبع

ض القوم يخلق ثم لا يفرى (5)

فأثبت له الخلق ولم يقطع (6) ما قدره ، فإذا صح ذلك لم يمتنع أن يكون الأمر غير الخلق ، ويكون مع ذلك مخلوقا على ما قدمناه.

مخ ۲۸۳