276

من قبله ، ولذلك حكى تعالى عن الشيطان أنه لم يكن له عليهم سلطان ، وأنهم إنما ضلوا بسوء اختيارهم عند دعائه.

ثم يقال للقوم فى هذه المسألة : إن كان تعالى هو الذى يخلق الضلال والكفر فما الوجه فى دعاء إبليس ، وهل وجوده إلا كعدمه؟ وكيف يمكن أن يقال إنه يضل العباد ، والضلال هو من فعل الله تعالى! ولو اجتهد إبليس فى خلافه لم يكن الضال إلا ضالا ، من حيث خلق الضلال فيه ، فيجب على قولكم أن يكون خلقه إبليس وخلقه فيه الدعاء عبثا ، بل يجب أن يكون بعثه للأنبياء بهذه المنزلة! لأن وجود دعائهم كعدمه [ لأنه ] إن أراد تعالى خلق الإيمان وجد لا محالة فى المدعو ، وإن أراد خلافه فكمثل ، ويجب أن لا يكون إبليس بالذم أحق من الأنبياء ، لأنه تعالى لو خلق فيه الدعاء إلى الخير لكان مثلهم ، ولو خلق فيهم الدعاء إلى الشر لكانوا مثله ، فإنما ينقلبون وتختلف بهم الأحوال بحسب تصريفه عز وجل لهم ، فما وجه الفضيلة والحال هذه؟!

** 251 مسألة :

والكبائر ، وأنه مع ذلك لم يخرج عن أن يكون نبيا مؤمنا فقال : ( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) [23] فنسبا أنفسهما إلى الظلم الذى يقتضى الذم ، وخبرا (1) من حالهما بأنه لو لم يغفر لهما لكانا من الخاسرين ، وذلك لا يصح فيمن ذنبه مغفور ومعصيته صغيرة (2).

مخ ۲۷۷