فإن قال : فأنتم تقولون فى التكليف فى الحدود إنها قد تكون عقوبة!
قيل له : لأنها من فعل الغير فيهم ، ولا يمتنع ذلك فيها على بعض الوجوه ، وليس كذلك حال التكليف.
فإن قال : فأنتم تقولون فى الكفارات : إنها عقوبة ، وذلك ينقض ما ذكرتم.
قيل له : لا يصح فى الكفارات التى يلزم المرء توليها أن تكون عقوبة ، لما قدمناه ، وإنما يقال فى بعضها : إنها تجرى مجرى العقوبة فى أنها تثبت مع المأثم كثبوت العقاب ، فأما أن تكون فى الحقيقة كذلك فمحال.
وإذا صح ذلك ، وجب حمل قوله تعالى : ( ذلك جزيناهم ببغيهم ) على أنه علم أن الصلاح عند بغيهم تشديد التكليف عليهم ، فصار ذلك ، لتعلق كونه صلاحا له ولولاه لم يحصل لذلك جزاء ، ولا يعقل فى اللغة فى الشيء أنه جزاء ما ذكروه من العقوبة فقط ؛ لأنهم يستعملون ذلك فيما يقابل غيره ويتعلق به.
** 239 دلالة :
أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ، كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ) [148].
يدل على ما نقوله ، من أنه لا يريد القبيح من شرك وغيره ، من جهات :
منها : أنه تعالى حكى عن الذين أشركوا وقالوا : لو شاء الله ما أشركنا وذلك يدل على أن من حالهم أنهم اعتقدوا أنهم أشركوا لأجل مشيئة الله ، ولولاها لم يقع منهم فقال تعالى : ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) « وقد
مخ ۲۶۷