زيادة الهدى الذى وعد بها المؤمن بشرح صدره بتلك الزيادة ، لأن من حقها أن تزيد المؤمن بصيرة إلى بصيرة ، ( ومن يرد أن يضله ) عن تلك الزيادة ، بمعنى يذهب به عنها ، من حيث أخرج نفسه من أن تصح عليه ، يجعل صدره ضيقا حرجا لمكان فقد تلك الزيادة ، لأنها إذا اقتضت فى المؤمن ما قلنا ، أوجبت فى الكافر ما يضاده. وتكون الفائدة فى ذلك ما قدمناه من الرغبة فى الإيمان والزجر عن الكفر ، وهذا واضح بحمد الله ومنة.
** 235 مسألة :
فقال تعالى : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) [129].
والجواب عن ذلك : أنه تعالى ذكر ذلك عقيب ما اقتضاه من شأن أهل النار ومجادلة (1) بعضهم لبعض ممن كان يتبعه ويقبل منه (2)، ثم قال تعالى عند ذلك : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ) وأراد أنه تعالى يكل بعضهم إلى بعض ، مبينا بذلك أن المتبوع لا ينفع إذ ذاك التابع ، فإن الذى يوجب النجاة هو العمل الصالح.
وليس فى ظاهر قوله تعالى : ( نولي ) ما ذكروه ؛ لأن الأصل فى هذه العبارة أن يجعل إليه ما يتولاه من « أمر غيره (3)، فإذا لم يذكر ذلك لم يكن له ظاهر. ولو أن الفصيح قال : وليت فلانا ، ولم يذكر الأمر الذى ولاه ، كان الكلام مبهما ، فكذلك إن زاد فقال : وليت بعض أولادى بعضا ؛ فلا يصح للقوم التعلق بما ذكروه. والواجب حمل الآية على ما قدمناه بشهادة ما تقدمه له.
مخ ۲۶۵