236

حال من يشاهده ، وعلى هذا الوجه يجرى القول فى أوصاف الله تعالى بأنه بكل مكان ، واستجاز المسلمون إطلاقه ، لأنهم عنوا به فى الصنع والتدبير ، أو فى الإحاطة به علما.

ويبين ما قلناه أن قوله تعالى : ( يعلم سركم وجهركم ) لا يليق إلا بما ذكرناه ، لأنه إذا كان فى كل مكان لم يجب أن يكون عالما بسرنا وجهرنا ، لأن الحاضر معنا « لا يجب أن يكون مطلعا (1) على أسرارنا ، فكيف من هو فى غير المكان الذى نحن فيه؟

ومتى ذكر تعالى المكان ثم عقبه بذكر العلم وغيره ، فيجب صرف الكلام إلى ذلك الوجه ، ولهذا قلنا إن قوله تعالى : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) (2): المراد به الاقتدار منه على المكانين ، والتنبيه بذكرهما على أنه مقتدر على كل شيء ، وكذلك لما عقب الكلام بذكر العلم دل على أن المراد « بما تقدم ذكره أنه محيط (3) بما فيهما علما.

** 204 مسألة :

وهو القاهر فوق عباده ) [18] و « فوق » إنما تستعمل فى اللغة بمعنى المكان إذا علا على مكان غيره.

والجواب عن ذلك : أنه تعالى قد نبه فى الكلام على ما أراد ، بقوله ( وهو

مخ ۲۳۷