220

والجواب عن ذلك : أن قوله : ( إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ) ظاهره يقتضى أنه يريد أن ينزل به عقابهما جميعا ، أو تقع منه معصيتهما! وذلك يتناقض! لأن ما يكون عقابا بالواحد لا يصح أن ينزل بالآخر.

وإنما الذى يصح « فى ذلك (1) أن يفعل بالآخر أمثال ذلك العقاب ؛ لأن من حق العقاب أن يوصف به الواقع على طريق الاستحقاق ، فلا ظاهر للقوم يتعلقون به.

والمراد (2) بذلك أنه تعالى ذكر قبل هذه الآية أن ابني آدم قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر (3) فدل بذلك على أنه لم يتقبل منه لمعصية وقعت منه ، وأنه حسد أخاه الذى قبل قربانه فهم بقتله ، فعند ذلك قال : إنى أريد أن تبوء بإثمى وإثمك ، بمعنى : بإثم قتلك لى ، فلما كان القتل متعلقا به جعل الإثم مضافا إليه.

وأراد بقوله : ( وإثمك ) يعنى : إثم المعصية التى أقدمت عليها ، ورد قربانك لأجلها ، وهذا كما يقول القائل فيمن ظلمه : أريد أن تلعن وتعاقب على ظلمى ، فمن حيث كان ذلك الظلم متعلقا به ، أضافه إلى نفسه.

ولم يرد بالإثم فى هذا المكان : المعصية ، فيكون هابيل مريدا للمعصية من أخيه قابيل ، بل أراد به المستحق على المعصبة. ولذلك قال بعده : ( فتكون من أصحاب النار ، وذلك جزاء الظالمين ) (4) فبين أنه يريد أن ينزل به كلا (5) العقوبتين فيدخل النار ويحلان به (6)، وأن ذلك هو الذى يستحقه الظالم القاتل للنفس المحرمة.

مخ ۲۲۱