إذا عدلنا عنه فى موضع أن يبطل ما اعتمدناه فى قوله : ( بل طبع الله عليها بكفرهم ).
والمراد بما سألوا عنه : أنه (1) لأجل ظلمهم كان الصلاح تحريم ما حرم عليهم ، فله به تعلق من هذا الوجه ؛ لأنه لا يجوز فى التحريم أن يكون عقوبة ، مع أنه تعريض للثواب ، لأن ذلك يتناقض.
فإن قال : المراد بقوله : ( بل طبع الله عليها بكفرهم ) مثله ؛ لأنه تعالى علم (2) أن الصلاح أن يطبع على قلوبهم لتقدم كفرهم!.
قيل له : هذا يدل على أن الطبع لا يمنع من الإيمان ، لأنه يجوز أن يكون الصلاح للمرء (3) على جهة الابتداء (4) وعند فعل من الأفعال ، أن يمنعه مما فيه نجاته ومنفعته!
فإن قال : إذا لم يكن الطبع منعا ، أفيجوز أن يكون مصلحة؟ أو تجعلونه عقوبة؟.
قيل له : إن شيخنا أبا على رحمه الله يقول : إنه عقوبة كالذم والاستخفاف. وعند شيخنا أبى هاشم رحمه الله أنه يكون مصلحة ، وإن كان لا يمتنع أن يجرى مجرى الذم فى بعض حالاته ، لكنه لما كان القصد به ارتداع المكلف عن المعصية والعدول إلى الطاعة ، حل محل الوعيد فى هذا الوجه.
وربما وقع هذا (5) الخلاف بينهما فى الوعيد أيضا ، على بعض الوجوه ، ولتقصى ذلك موضع سوى هذا المكان.
مخ ۲۱۳