قيل له : إن النفى فى الآية عام فلا يصح تخصيصه.
وبعد ، فلو قلبت القضية كان أقرب ، لأنه تعالى نفى أن يريد الظلم المضاف إلى العالمين (1)، وظاهر ذلك يقتضى أن الفعل منهم ؛ لأن إطلاق الظلم إذا أضيف عقل منه الإضافة إلى فاعله دون المفعول به ، ولذلك يقع الذم بقولنا : إن هذا الظلم من زيد ، وهذا الظلم له (2).
وبعد ، فان القوم يقولون إنه تعالى مريد للكثير من الظلم الذى يضاف إليه وينفرد به ، كتعذيب أطفال المشركين ، وتكليف من يعلم أنه يكفر ، وخلقه إياه للكفر والنار ، فلا يصح لهم ذلك التأويل. ومتى قالوا : إن هذا التعذيب ليس بظلم فليرونا صفة للظلم ليس بحاصل فيه (3). لأنه تعالى إن أراد أن يظلم ، ما كان يفعل إلا ما قد فعله عندهم.
وقوله تعالى بعد ذلك : ( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون ) [117] يدل أيضا على أن الظلم من فعل العبد ؛ لأنه لو كان تعالى خلقه فيه لم يصح أن ينزه نفسه عنه ويضيفه إلى العبد.
وبعد ، فإن مذهبهم يقتضى أن من الظلم من قبله ولا يصح وجوده إلا من خلقه منزه (4) عن الظلم ، ومن لا يصح أن يفعل ذلك فيه غير منزه عنه!! وهذا كسلطان (5) جائر يأخذ أصحابه على جهة الإكراه بالفساد ، وينزه نفسه عنه
مخ ۱۵۶