118

فأراد اليهود من قولهم: {يد الله مغلولة}، أن الله بخيل فألزموا البخل {غلت أيديهم }، ولذا تراهم أبخل الناس، وهكذا فسر الآية أئمة التفسير.

فأجاب الله على اليهود بأن يداه مبسوطتان، أي أنه أكرم الأكرمين، فاستخدام بسط اليد هنا كناية عن الكرم، كما تقول العرب: فلان باسط يده، أي أنه كثير الإنفاق والإعطاء.

وقد يقول القائل: لماذا لم يكتف بيد واحدة تكون كناية عن الكرم؟

فنقول: إن السبب أنه لما كان الإنسان الكريم يعطي بيد واحدة، فالذي يعطي بيديه الثنتين يكون أشد في الكرم، فعبر الله بذلك عن سعة كرمه ونعمه وفضله، وأن فضله أعظم من فضل أي منعم آخر.

فالله مدح نفسه بأبلغ المدائح والأوصاف، فالآية كما قلنا جواب على قول اليهود إن الله بخيل بقولهم: {يد الله مغلولة}.

فأجاب عليهم بأنه أكرم الأكرمين على طريق الكناية بقوله: {بل يداه مبسوطتان}، ويوضح هذه الكناية الجملة التالية لها مباشرة وهي قوله تعالى: {ينفق كيف يشاء}.

ثم إننا إذا أبقينا الآية على ظاهرها وقلنا إنها دليل على أن لله يدين، فلم يبق في الآية أي مدحة لله تعالى؛ بل تنقلب ذما صريحا.

مخ ۱۱۸