كانت كورا ابنة غير شرعية. كانت أمها تعمل في مكان ما، أو ربما تكون قد تزوجت. ربما عملت خادمة، وكان بإمكانها إرسال بعض الأشياء المستعملة لابنتها. فكان لدى كورا الكثير من الملابس، وكانت تذهب إلى المدرسة بملابس ساتانية لونها بيج ذات تمويجات من فوق فخذيها؛ أو ملابس مخملية بلون أزرق ملكي وعليها وردة من نفس نوع القماش تتدلى على إحدى كتفيها؛ أو ملابس من الكريب الرقيق ذات لون وردي فاتح ومليئة بالشراشيب. لم تتناسب هذه الملابس مع سنها (لم يكن ذلك رأي روز)، لكنها تناسبت مع جسمها؛ فقد كانت طويلة، قوية البنية، ذات مظهر أنثوي. وفي بعض الأحيان، كانت تصفف شعرها بلفه فوق رأسها، وتركه ينسدل فوق إحدى عينيها. اعتادت كورا ودونا وبيرنيس تصفيف شعرهن مثل السيدات، والإفراط في استخدام أحمر الشفاه، وحمرة الخدود. اتسمت ملامح كورا بالحدة. فكانت جبهتها دهنية، وأجفانها بنية متثاقلة. هذا فضلا عن شعورها بالرضا عن نفسها، الذي سرعان ما سيتحول إلى قسوة ووقار، لكنها كانت رائعة آنذاك، تسير في فناء المدرسة مع وصيفتيها (كانت دونا في الحقيقة هي الأجمل بينهن بما تمتعت به من وجه بيضاوي شاحب وشعر أشقر متجعد بنعومة)، وأذرعهن متشابكة، ويتحدثن على نحو جدي. لم تضيع كورا وقتها في الالتفات للصبية في المدرسة، لم تفعل ذلك أي من أولئك الفتيات الثلاث؛ فكن ينتظرن الالتقاء برفاق شباب حقيقيين، أو لعلهن التقين بهم بالفعل آنذاك. وكان بعض الصبية ينادون عليهن من باب القبو، مع توجيه بعض العبارات المهينة لهن، فكانت كورا تستدير وتصيح فيهم: «أكبر من النوم في المهد، وأصغر من النوم في سرير!»
لم تكن لدى روز أية فكرة عما كان يعنيه ذلك، لكنها كانت معجبة للغاية بالطريقة التي أظهرت بها كورا فخذيها، وبصوتها المستهزئ القاسي والمتكاسل في الوقت نفسه، وبمظهرها البراق. وعندما كانت تختلي بنفسها، كانت تقلد ما حدث، المشهد بأكمله، الصبية وهم يصيحون، مع تقمصها شخصية كورا؛ فكانت تستدير، مثلما تفعل كورا، نحو معذبيها المتخيلين، وتتعامل معهم بنفس الاحتقار الاستفزازي. «أكبر من النوم في المهد، وأصغر من النوم في سرير!»
كانت روز تتجول في أرجاء الفناء الخلفي للمتجر، متخيلة الساتان المثير وهو يتموج فوق فخذيها، وشعرها ملفوف ومنسدل على إحدى عينيها، وشفتاها حمراوان. أرادت أن تكبر لتصير مثل كورا بالضبط، بل إنها لم ترغب في الانتظار حتى تكبر؛ لقد أرادت أن تكون كورا ... الآن.
اعتادت كورا ارتداء الأحذية عالية الكعب في المدرسة، لكنها لم تكن خفيفة في حركتها، فكلما كانت تسير في الفصل، تبدو الغرفة وكأنها تهتز، والنوافذ ترتعد. كان من الممكن أيضا شم رائحتها؛ رائحة مسحوق الطلق ومستحضرات التجميل، رائحة بشرتها الداكنة الدافئة وشعرها. •••
جلست الفتيات الثلاث أعلى سلم الحريق في أول أيام الطقس الدافئ. كن يطلين أظافرهن. كانت رائحة الطلاء تشبه رائحة الموز، مع نفحة كيميائية غريبة. أرادت روز صعود سلم حريق المدرسة، كما اعتادت، لتجنب التهديد اليومي بالمدخل الرئيسي، لكنها استدارت عندما رأت الفتيات يجلسن أعلى السلم؛ فلم تجرؤ على توقع إفساحهن الطريق لها.
نادت عليها كورا. «يمكنك الصعود إذا أردت. هيا، اصعدي!»
أخذت تثيرها وتشجعها كما لو كانت تفعل مع جرو صغير. «هل تودين طلاء أظافرك؟»
حينذاك، قالت الفتاة التي تدعى بيرنيس، التي اكتشفت روز بعد ذلك أنها صاحبة طلاء الأظافر: «إن فعلت، فسيود الجميع طلاء أظافرهن أيضا.»
فردت عليها كورا: «لن نفعل ذلك معهن؛ وإنما هي فقط. ما اسمك؟ روز؟ سوف نطلي أظافر روز فقط. اصعدي هنا يا عزيزتي.»
طلبت كورا من روز مد يدها، وحينها لاحظت روز بانزعاج البقع الملونة التي غطت يدها. كم كانت يداها قذرتين! وكانتا أيضا باردتين ومرتعشتين. مجرد شيء صغير مثير للاشمئزاز. وما كانت لتندهش لو أبعدت كورا يدها. «ابسطي أصابعك، وأرخيها. ما هذا؟ يداك ترتعشان! لن أعضك! فلتثبتي مكانك كفتاة صالحة. لا تودين إفساد الطلاء، أليس كذلك؟»
ناپیژندل شوی مخ