وللشافعي رضي الله تعالى عنه:
أخي لن تنال العلم إلّا بستّة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وصحبة أستاذ وطول زمان «١»
وقال الزهري: العلماء أربعة، سعيد بن المسيب بالمدينة، وعامر الشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام.
وقال بعضهم: العلماء سرج الأزمنة، كل عالم سراج زمانه يستضيء به أهل عصره.
وقيل لإبراهيم بن عيينة: أي الناس أطول ندامة؟ قال:
أما في الدنيا فصانع المعروف إلى من لا يشكره، وأما في الآخرة فعالم مفرط «٢» .
(شعر):
كن عالما وارض بصفّ النعّال ... ولا تكن صدرا بغير الكمال
فإن تصدّرت بلا آلة ... صيّرت ذاك الصّدر صفّ النّعال
وقيل: لما اجتمع موسى بالخضر ﵉، جاء عصفور فأخذ بمنقاره من البحر قطرة ثم حط على ورك الخضر، ثم طار فنظر الخضر إلى موسى ﵇ وقال: يا نبي الله إن هذا العصفور يقول: يا موسى أنت على علم من علم الله علمكه الله لا يعلمه الخضر، والخضر على علم من علم الله علمه إياه لا تعلمه أنت وأنا على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه أنت ولا الخضر، وما علمي وعلمك وعلم الخضر في علم الله إلا كهذه القطرة من هذا البحر.
قال الله تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ
«٣» وقال تعالى: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
«٤» .
قال عبد الله بن عباس ﵄: خلق الله تعالى أربعين ألف عالم، الإنس والجن عالمان، والبواقي لا يعلمها إلا هو «٥» .
وقال موسى ﵇: يا رب قد قلت للسموات والأرض ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ
«٦»، فلو لم تطعك السموات والأرض ماذا كنت فاعلا بهما؟ قال:
يا موسى كنت آمر دابة من دوابي أن تبتلعهما، قال موسى: يا رب وأين تلك الدابة؟ قال: في مرج من مروجي، قال موسى: يا رب وأين ذلك المرج؟ قال: في علم من علمي لا يعلمه إلا أنا. وعن عبد الله بن عمر ﵄ قال: «خرج علينا رسول الله ﷺ ونحن في فكرة، فقال: فيم تفكرون؟ تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله، فإن الله خلق من جانب الغرب «٧» أرضا يقال لها البيضاء، تقطعها الشمس في أربعين يوما «٨»، فيها خلق ما عصوا الله طرفة عين، فقال ابن عمر: يا رسول الله أين إبليس منهم؟ قال: ما علموا بإبليس خلق أم لا. قال:
أمن بني آدم؟ قال: ما علموا بآدم خلق أم لا» «٩»، فهذه كلها مما أعدها الله في علم غيبه، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون.
وقال قتادة: لو كان أحد منا مكتفيا من العلم لاكتفى نبي الله موسى ﵇ إذ قال: قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ٦٦
«١٠» . وقال الحكماء: أفضل العلم وقوف العالم عند علمه. وقال بعضهم: ليس العلم ما خزنته الدفاتر وإنما العلم ما خزنته الصدور. وقيل:
العلم يؤدي إلى التصدير، وقيل: من تواضع للعلم ناله ومن لم يتواضع له لم ينله. وقيل: من برق علمه برق
1 / 30