» بسم الله الرحمن الرحيم*
بدأت باستنساخ الكتاب يوم الجمعة الثالث من شهر صفر لسنة (1398) في دار العلم قم المقدسة.
مخ ۱۰۹
الحمد لله رب العالمين* والعاقبة للمتقين* وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطيبين (1)
(1) [باب أن رسول الله ص لم يصل خلف أبي بكر]
مخ ۱۱۰
قال [الشيخ] أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن يزيد الطبري (1) [الإمامي]:
احتج قوم من أهل الزيغ والعداوة لله جل ذكره (2) ولرسوله ص.
أن الخلافة لم تصلح بعد الرسول ص، إلا لأبي بكر (3) بن أبي قحافة بدعواهم أنه كان أفضل الناس بعد رسول الله ص، وأنه كان قدمه للصلاة في علته.
فدللناهم على موضع خطئهم، وأعلمناهم،
أن رسول الله ص، كان يولي أمر المسلمين مما هم فيه من الصلاة والأحكام وأمور الدين من ليس بفاضل، مثل عمرو بن العاص، فإنه ولاه على أبي بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل (4) وولى خالد بن الوليد والوليد بن عقبة (5) وولى أسامة
مخ ۱۱۱
بن زيد (1) وكان آخر توليته؛ وجعل أبا بكر وعمر، وأبا عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبا الأعور السلمي، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل (2)، في رجال من المهاجرين والأنصار عدة، منهم: قتادة بن النعمان (3) وسلمة بن أسلم بن حريش (4) تحت لوائه وكان أشدهم إنكارا لولايته عياش بن أبي ربيعة (5) حتى قال: أيستعمل هذا الغلام على المهاجرين والأولين؟ فكثرت القالة فسمع عمر بن الخطاب هذا القول فرده على من تكلم به وجاء إلى النبي ص فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله ص من بعض ذلك القول غضبا شديدا، فخرج في علته وقد عصب رأسه بعصابة وعليه
مخ ۱۱۲
قطيفة وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
1- أيها الناس ما مقالة بلغني (1) عن بعضكم في تأميري أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبل، وايم الله إنه للإمارة لخليق (2) وابنه بعده للإمارة خليق، وهو من أحب الناس إلي وإنهما أهل (3) لكل خير فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم (4).
ثم نزل رسول الله ص (5) فدخل بيته وذلك ليوم السبت، لعشر خلون من شهر ربيع الأول، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله ص، وفيهم أبو بكر وعمر (6)، ورسول الله يقول:
أنفذوا جيش أسامة، ودخلت أم أيمن وهي أم أسامة، (7) فقالت: يا رسول
مخ ۱۱۳
الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل (1) فإن أسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه، فقال رسول الله ص: أنفذوا بعث أسامة.
فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا (2) ليلة الأحد ورسول الله ثقيل مغمى عليه، فدخل أسامة على رسول الله وعيناه تهملان وعنده العباس عمه (رحمه الله )، والنساء حوله فتطأطأ إليه (3) أسامة فقبله رسول الله ص ورفع يديه إلى السماء ثم نصبهما (4) إلى أسامة.
قال أسامة: فعرفت (5) أنه يدعو لي فرجعت إلى معسكري، فلما كان يوم الإثنين جاء أسامة فقال له رسول الله ص: اغد على بركة الله، فودعه أسامة، ورسول الله مفيق، فصاح أسامة بأصحابه وأمرهم باللحوق بالمعسكر، وبالرحيل.
فلما متع النهار فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف (6) أتاه رسول
مخ ۱۱۴
أم أيمن يخبره أن رسول الله ص يموت، فامتنع عليه القوم (1) فتوفي رسول الله في ذلك اليوم حين زاغت الشمس، وهو يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول (2) ودخل الناس من الجرف إلى المدينة، ولم ينفذوا لأمر رسول الله، ثم اضطربوا، وبايعوا لأبي بكر قبل دفن رسول الله ص، ثم ادعى القوم أن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة (3).
فحدث الواقدي، وهو: أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي [المتوفى 207] قال:
2- حدثنا ابن أبي الزناد (4)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان أبو بكر فيهم (5).
مخ ۱۱۵
3- وحدثنا أيضا، عن محمد بن عبد الله بن نمير (1) عن عمرو بن دينار (2) مثله.
فقد ثبت من رواية المخالفين، أن رسول الله ص كان آخر عهده وهو يغرغر، قال: أنفذوا جيش أسامة، وكان أبو بكر فيهم (3)، وزعم القوم أن رسول الله ص أمره بالصلاة في علته، وإقامته (4) مقامه، فكيف يكون ذلك وقد ألح ص في أسامة هذا الإلحاح، ألم يعلم أنه ميت؟، أليس قد نعي نفسه قبل ذلك بشهر؟.
4 رواه الواقدي عن عبد الواحد بن أبي عون (5) قال عبد الله بن
مخ ۱۱۶
مسعود نعى نبينا نفسه (1) قبل موته بشهر، فقال: [مرحبا بكم] حياكم الله بالسلامة، رحمكم الله، رزقكم الله، نفعكم الله آواكم الله- يعني إلى الجنة- وقاكم الله، أوصيكم بتقوى الله.
في كلام طويل (2).
فكيف يقدم رجلا ويجعله خليفته من بعده في أمته بزعمهم، وقد أمره بالخروج مع أسامة، ومعه الجماعة التي خاف من ناحيتها على الإسلام وعلى تبديل أمره؟!، ولو كان ذلك كذلك لم يكن معني الصلاة
مخ ۱۱۷
معني الاستخلاف، لأن أبا بكر لو كان مستخلفا عن (1) رسول الله ص لما جاز له أن يدعوه إلى غيره، ولا جاز للأنصار أن يقولوا: منا أمير ومنكم أمير (2) ولكان أبو بكر المدعي له بالخلافة يدعيها لنفسه ما قالوا.
[اختلاف الأمة في صلاة أبي بكر].
على أنهم قد اختلفوا في صلاة أبي بكر، ففرقة زعمت أنه صلى بأمر بلال عن عائشة، وفرقة زعمت أن عليا (عليه السلام)أمر بذلك لما خاف أن تفوته نفس رسول الله ص حين أتاه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لهم:
صلوا،
فقال عبد الله بن زمعة (3): كنت عدت إلى رسول الله حتى أتاه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال رسول الله ص: مروا بالناس فليصلوا. (4)
مخ ۱۱۸
قال عبد الله: فلقيت عمر فقلت: صل بالناس يا عمر، فقام عمر في المقام، فلما كبر سمع رسول الله صوته، وكان رجلا مجهرا فأخرج رسول الله ص رأسه فقال: لا، لا، ليصل بهم ابن أبي قحافة وهذا بروايتهم [1].
مخ ۱۱۹
5 وروى علي بن بشير (1) قال: حدثنا عثمان بن معبد، قال: حدثنا عمرو بن ثابت (2) عن جعفر بن محمد ع، عن محمد بن علي ع، عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع قال: لما ثقل رسول الله ص أتاه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لعلي: اخرج فصل بالناس فخرج عليه السلام ليصلي بالناس، وخشي أن يفوته رسول الله بنفسه، فلقي أبا بكر فقال: صل بالناس ، ورجع علي إلى رسول الله، فقال له رسول الله: أصليت بالناس؟ فقال علي: أمرت أبا بكر يصلي بالناس وخشيت أن تفوتني نفسك، فقال رسول الله ص: أخرجني أخرجني (3) فخرج متوكئا على علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وصلى بالناس فأخر أبا بكر وصلى رسول الله بالناس (4).
6 وحدثنا عمرو بن مبارك (5) قال حدثنا نوح بن دراج (6) عن
مخ ۱۲۴
منصور بن حازم (7)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع، قال:
قلت له: إن الناس يذكرون أن رسول الله ص أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، قال: قال لعلي (ع): صل بالناس، فخرج وخشي أن يفوته رسول الله ص بنفسه فقال لأبي بكر: [صل بالناس] (8) فإني أخشى أن يفوتني رسول الله بنفسه فلما رجع قال ص له: أصليت بالناس؟ فقال:
يا رسول الله أمرت أبا بكر أن يصلي بالناس وخشيت أن تفوتني بنفسك، فوجد رسول الله ص خفا (9) فقال: أخرجني، فخرج متوكئا على علي ع والفضل بن العباس، وصلى بالناس وأخر أبا بكر؛ (10)
7 وحدث علي بن بشير، قال: حدثنا عبد الرزاق (11)، عن معمر (12)
مخ ۱۲۵
عن الزهري، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة: [قالت:] إن رسول الله ص لما ثقل أتاه مؤذنوه الثلاثة، بلال، وابن أم مكتوم، وعبد الله بن زيد، فقال: صلوا، فخرجوا من عنده، فوجد رسول الله خفة فقام ولم يقدر على النهوض، فتوكأ على رجلين (1) أحدهما الفضل بن العباس، فوضع يده على منكبيهما حتى خرج، فصلى بالناس.
قال عبيد الله: فحدثت بذلك عبد الله بن عباس، فقال: هل تدري من الرجل الآخر؟ فقلت: لا، فقال: هو علي بن أبي طالب، ولكنها لا تقدر أن تذكره بخير ولا تستطيع (2).
مخ ۱۲۶
[استخلاف رسول الله ص أصحابه في أماكن مختلفة
، ولم يدع أحد منهم شيئا مما لا يعنيهم:] ولو اجتمع أهل العلم على أنه صلى بالناس ما كانت صلاته إلا كصلاة غيره
، فإنه أمر ص، أبا لبابة بن عبد المنذر (1) في غزوة بدر أن يصلي بالناس فلم يزل يصلي بهم حتى انصرف النبي ص، واستخلف عام الفتح ابن أم مكتوم الأعمى فلم يزل يصلي بالناس في المدينة (2) واستخلف في غزوة حنين أبا رهم كلثوم بن حصين أحد بني الغفار (3) واستخلف عام حنين أبا ذر
مخ ۱۲۸
الغفاري (1) واستخلف في غزوة الحديبية سباع بن عرفطة (2).
واستخلف في غزوة تبوك علي بن أبي طالب ع على المدينة وأمر ابن أم مكتوم أن يصلي بالناس (3) واستخلف عتاب بن أسيد على مكة ورسول الله ص مقيم بالأبطح وأمره أن يصلي بالناس بمكة الظهر والعصر والعشاء الآخرة وكان رسول الله ص يصلي بهم الفجر والمغرب فكان يصلي بهم إلا الفجر والمغرب (4).
مخ ۱۲۹
واستخلف في غزوة ودان سعد بن عبادة (1) واستخلف في غزوة بواط سعد بن معاذ (2) وفي طلب كرزين بن جابر الفهري، زيد بن حارثة (3) وفي غزوة العشيرة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي (4) وفي غزوة قينقاع أبا لبابة (5).
وفي غزوة أكيدر، ابن أم مكتوم (6) وفي غزوة ذي قرد، عثمان بن
مخ ۱۳۰
عفان (1) وفي غزوة بدر الموعد، عبد الله بن رواحة،
فما أحد منهم ادعى الخلافة بحمد الله ومنه، ولا خاضوا في شيء مما لا يعنيهم.
فإن احتج محتج بأن صلاة أبي بكر هي خلاف هذه الصلاة لمرض رسول الله ص وقرب وفاته، وإنه يجب أن يؤخذ بالأقرب فالأقرب.
فالحجة عليه، أن النبي ص كان عليلا، وأمر عليا ع أن يخرج فيصلي بالناس، فخاف أن تفوته نفس رسول الله ص على ما حكيناه، فأمره به من ذكرناه.
وقد روت جماعة (2) أن النبي ص، قال: مروا بعض القوم أن
مخ ۱۳۱
يصلي بالناس، فقالت عائشة: يا بلال قل لأبي بكر أن يصلي بالناس، وقالت حفصة: مروا أبي فليصل بالناس، وأفاق ص، وقد سمع اللغط، فقال: أما إنكن صويحبات يوسف (1).
فلما استقر أبو بكر في محرابه، وسمع ص تكبيره، خرج يتهادى (2) بين علي ع والفضل [بن العباس]، فنحاه وصلى بالناس، فكان أبو بكر يسمعهم التكبير، وهي آخر صلاة صلاها، فهذا آخر فعله (3).
مخ ۱۳۲
8 وروى أصحاب الأخبار، مثل أبي بكر بن أبي شيبة (1) وابن الأصفهاني (2) وغيرهما أن النبي ص صلى خلف عبد الرحمان بن عوف ركعة من الصبح (3)
فلو كانت الصلاة توجب الخلافة كان عبد الرحمان بن عوف قد ادعاها، ولادعاها صهيب (4) الذي أمره عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس على أن مذهب القوم أن الصلاة خلف كل بر
مخ ۱۳۳