ولعمر ثلاثة أبيات شعر تقع في آخر بعض نسخ الديوان الخطية وفي آخر طبعة أوروبة، ربما كان وقوعها هنا إشارة إلى أنها آخر شعر قاله، وفيها يشير إلى مرضه بعيدا عن «أجياد» منازل قومه في مكة يشكو فيها قلة عواده:
سقى سدرتي أجياد فالدومة التي
إلى الدار صوب الساكب المتهلل
فلو كنت بالدار التي مهبط الصفا
سلمت إذا ما غاب عني معللي
هنالك لو أني مرضت فعادني
كرام ومن لا يأت منهن يرسل
والخلاصة:
أن الروايات متعددة ومتضاربة، والخطأ في بعضها ظاهر، وأصحابها بعيدو العهد بعمر، فإن الجاحظ، وهو أقدمهم بدأ حياته الأدبية بعد موت عمر بنحو ثمانين، ولم يعن بدرس حياة عمر، بل ذكر خبر موته عرضا، وقد كان هو وابن قتيبة قليلي التدقيق في هذا الأمر. أما البلاذري فقد تفرد بذكر موت عمر بالشام، ولم يسند روايته أحد، وأما الأصبهاني فبالرغم من أنه كتب أخباره مسندة إلى رواتها، فإنه قد تأخر أكثر من مئتي سنة عن عمر، ويصعب علينا الآن متابعة الإسناد في رواياته لقلة المعلومات التي لدينا عن رجال السند في الروايات الأدبية، فإن أحدا من الناس لم يعن بهم عناية رجال الحديث برواته. أما المتأخرون فقد أخذوا عن الذين ذكرنا، وليس هناك قيمة لأقوالهم في هذا الصدد، وفي مثل هذا الاضطراب في الروايات لا نرى شيئا ينير سبيلنا سوى شعره الذي يؤيد رواية مرضه، فأغلب الظن إذا أنه مات من مرض - ربما في اليمن - وكان موته كما تتفق أكثر هذه الروايات في حدود سنة ثلاث وتسعين للهجرة.
الباب الثامن
ناپیژندل شوی مخ